الغد أول صحيفة عربية مالية

لهذا نجح "الانقلاب الانتخابي" في غامبيا

بواسطة kibaru

 
"سأحكم لمليار عام إذا شاء الله".. قالها رئيس غامبيا المنتهية ولايته يحيى جامي، لكن مشيئة الله حركت الغامبيين في اتجاه آخر لينهوا حكم الرجل بعد 22 عاما، فأحدثوا المفاجأة التي صدمت جامي وأذهلت منافسيه ونسفت كل توقعات المراقبين والمحللين، وأحدثت "زلزالا انتخابيا" لا تزال ارتداداته مستمرة ونتائجه غير مفهومة بالنسبة للكثيرين.
تباينت الرؤى وتعددت التفسيرات بشأن ما حدث الجمعة، لكنها اتفقت على محورية إرادة الغامبيين الطامحين للتغيير الذين جسدوا ذلك في اختيار بديل مغاير لجامي، "لعله ينهي واقع القمع وخنق الحريات والبؤس المعيشي الذي يدفع شبابنا يوميا إلى قوارب الموت"، بحسب تعبير زعيم المعارضة حسينو داربوي الخارج للتو من سجون النظام.
تحرك الغامبيين للتغيير المدفوع بالرغبة في إحداث واقع أفضل في حياتهم اقتصاديا واجتماعيا، دعمته عوامل أخرى، من أهمها التحسينات التي أجريت على المنظومة الانتخابية، وتراكم أخطاء الحكم، وارتفاع مستوى الوعي في أوساط الغامبيين، خاصة شريحة الشباب؛ بحسب رأي رئيس تجمع منظمات المجتمع المدني في غامبيا عثمان يابو.
 
يابو: المنظومة الانتخابية عرفت تحسنين في هذا الاقتراع (الجزيرة نت)
ويقول يابو في حديث للجزيرة نت إن "المنظومة الانتخابية عرفت تحسنين في هذا الاقتراع، أولهما فرز أصوات الناخبين في مكاتب الاقتراع مباشرة بعد انتهاء التصويت وبحضور مراقبين، وثانيهما السماح للقوات المسلحة لأول مرة بالتصويت خارج الثكنات، تماما كالمواطنين العاديين".
ويضيف يابو أن "الناخبين فقدوا الثقة في عمليات الاقتراع لخشيتهم من تغيير نتيجة التصويت أثناء عمليات الفرز التي كانت تتم في غياب أيِّ مراقبين، لكن المشاركة النشطة لمنظمات المجتمع المدني في التعبئة على أهمية التصويت، ساهمت في انتشار الوعي بين المواطنين ودفعت الكثير منهم للتوجه إلى مكاتب الاقتراع، والتصويت من أجل التغيير".
وإلى جانب التحسينات الانتخابية والنشاط التعبوي، يرى محللون سياسيون أن هنالك عوامل أخرى ساهمت في الانقلاب الانتخابي الغامبي، من بينها "تراكم أخطاء الحكم السابق الذي استبد بالسلطة وقمع المعارضين وأفقر الناس وضايقهم في قوتهم اليومي"، وفقا لتعبير أستاذ العلوم السياسية بجامعة غامبيا أبو بكر عمر ساقو.
انقلب على نفسه
ويقول ساقو في حديث للجزيرة نت إن "جامي انقلب على نفسه قبل أن ينقلب عليه الغامبيون، حين اعتمد قانون القوة في الحكم بدل قوة القانون، فمارس القمع والقتل ضد مخالفيه، واستخدم أجهزة الدولة ومؤسساتها ومواردها لتكريس سلطته الفردية، وحول المال العام إلى ملك شخصي".
 
ساقو: التجربة السنغالية ربما ألهمت الكثير من الغامبيين (الجزيرة نت)
ويضيف ساقو أنه "بالإضافة إلى الأخطاء التي تراكمت على مدى عقدين من الحكم، جاءت تصريحات جامي المستفزة ضد قومية الماندينكا لتشكل القطرة التي أفاضت الكأس".
ويعتبر ساقو أن "التجربة السنغالية ربما ألهمت الكثير من الغامبيين الذين يرون مستوى الحريات في هذا البلد ويتابعون ما يجري فيه من خلال القنوات الإذاعية والمحطات التلفزيونية الخاصة، التي توجد في كل بيت غامبي".
ويبقى عمل المعارضة المنظم ووحدتها خلف مرشح واحد، عاملا أساسيا في الدرس الغامبي، "فأمام هذا الموقف النادر في العمل السياسي الأفريقي، كان لا بد لقاطرة التغيير أن تتحرك"، وفقا لتعبير رئيس تجمع منظمات المجتمع المدني في غامبيا عثمان يابو.
ويؤكد زعيم المعارضة الغامبية حسينو داربوي هذا الرأي، ويقول إن تجاوز قادة المعارضة لطموحاتهم الشخصية ووحدتهم من أجل مصلحة الغامبيين، كان العامل الحاسم في إحداث التغيير الذي طمح إليه الشعب وعمل من أجله.
 
 
المصدر : الجزيرة