الغد أول صحيفة عربية مالية
نهاية مهمة رئيس الوزراء في مالي

كيف تحصل الجماعات الجهادية بالساحل والصحراء على السلاح؟

بواسطة kibaru

دفعت الهجمات الأخيرة التي تنفّذها التنظيمات الجهادية بالساحل على المواقع العسكرية إلى التساؤل حول كيفية حصول تلك الجماعات على الأسلحة التي تستيطع من خلالها شنّ معقّدة وتُكبّد الجيوش الوطنية خسائر فادحة في الأرواح والمعدّات، على غرار ما يقع في المثلث الحدودي الساخن اين تلتقي حدود مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
 
منذ اندلاع الأزمة في شمال مالي سنة 2012، انتشرت الأسلحة في البلاد بشكلٍ كبير. وكانت كل الآراء حينها تُشير إلى ليبيا كمصدر رئيسي للأسلحة. وبالفعل، أثبتت الوقائع أن انتشار الأسلحة في بلدان الساحل ومالي على الخصوص مرتبط بسقوط نظام معمر القذافي عام 2011، في أعقاب التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي ، حيث فقدت المؤسسة العسكرية الليبية السيطرة على جزء كبير من مخزونات الأسلحة والذخائر التي اقتنتها على مدى 40 عاماً.
 
ويقول تقرير ثدر حديثاً عن الأمم المتحدة أن ليبيا تضم أكبر مخزون في العالم من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، وحذرت من تأثير انتشار هذه الأسلحة على تهديد حياة المدنيين، مُقدّراً عددها بما بين 150 و200 ألف طن في جميع أنحاء البلاد.
 
وعلى هامش القمّة 33 للاتحاد الإفريقي التي عُقدت بالنيجر شهر يوليو الماضي، حذّر رئيس النيجر، محمدو إيسوفو، من أن 23 مليون قطعة سلاح ليبي تغذي الصراعات المسلحة والحركات المسلحة في الساحل الأفريقي.
 
وأدّى تهريب الأسلحة من ليبيا إلى تقوية الحركات الأزوادية المسلحة التي تُقاتل الحكومة المالية. وساهم تدفّق الأسحلة الليبية على مالي إلى وصولها إلى الجماعات الجهادية مثل تنظيم القاعدة في "بلاد المغرب الإسلامي" وحركة "التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا" وجماعة "أنصار الدين" وغيرهما من الجماعات الناشطة في منطقة الساحل.
 
لكن منذ عام 2013، انخفض مستوى تدفق الأسلحة من ليبيا الأسباب مختلف، في مقدمتها تعزيز الوجود العسكري في شمال مالي، وكذا نشر التعزيزات العسكرية على الحدود النيجيرية والجزائرية. كل ذلك أدّى إلى اعتراض شحنات أسلحة كثيرة كانت في طريقها من ليبيا إلى الجماعات الجهادية وغير الجهادية بالساحل. كما ساهم اشتداد الحرب الأهلية الليبية واستمرارها في ازدياد الطلب الداخلي على الأسلحة والذخائر، مما يعني أن هناك أسلحة أقل للتصدير خارج الحدود. ومع ذلك، تُشير مصادر إلى أن شبكات تهريب الأسلحة تواصل استغلال هذه القناة للحصول على إمدادات أخرى وتهريبها لدول الساحل لكن بمكيات أقل.
 
 لكن شبكات التهريب هذه ليست سوى واحدة من قنوات الإمداد التي تمتلكها المسلحة الجهادية أو غيرها في دول الساحل. وتأتي الغنائم التي تستولي عليها تلك الجماعات من مخازن الجيوش الوطنية كثاني مصدر للتزود والإمدارا، حيث تتم الإغارة على ثكنات معزولة وضعيفة التأمين. أما في المرتبة الثالثة فيأتي الإتجار بالأسلحة من مختلف الأزمات وبؤر التوتّر التي هزّت ولا تزال غرب القارة السمراء كليبيريا وسيراليون وساحل العاج والنيجر على سبيل المثال لا الحصر. وتُشير بعض المصار إلى بعض موانئ غرب أفريقيا بكونها أماكن للاتجار غير المشروع في الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من خلال نقلها وتصديرها.
وأظهرت الهجمات الأخيرة المتتالية على الثكنات العسكرية المعزولة في نيجيريا ومالي والنيجر بوركينا فاسو ومالي أن الجهاديين يحصلون على أسلحتهم من الثكنات العسكرية المنهوبة.
 
 وتشنّ الجماعات الجهادية في الساحل الآن هجمات واسعة النطاق على الحاميات العسكرية، مستغلةً نقاط ضعفها باستخدام عنصر المفاجأة، إذ يصل المهاجمون بأعداد كبيرة على متن دراجات نارية أو في شاحنات صغيرة ويحاصرون القواعد العسكرية، ثم يرشقونها بقذائف الهاون أو الصواريخ لتعطيل دفاعاتها. وتُستخدم الصواريخ المحمولة على الكتف أو في المركبات لتمهيد الطريق للهجوم على جبهات متعددة. 
وبعد مباغتة الجنود في ساعات الفجر الأولى، تتم السيطرة على الثكنة والاستيلاء على ما فيها من الأسلحة والعربات والذخيرة والوقود والمؤن وغيرها. وتؤكد لقطات الإصدارات الإعلامية التي تبثها جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية للقاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى هذه التكتيكات بشكلٍ متكرر. 
 
وفي مقاطع الفيديو، يستعرض المقاتلون كميات من الأسلحة والذخيرة التي استولوا عليها خلال الهجمات على المعسكرات في إيناتس في النيجر، وإندليمان في مالي وكوتوغو في بوركينا فاسو طيلة عام 2019. أصبح هذا التكتيك هو الاستراتيجيىة العملياتية المتّبعة، حيث مكّنت الجماعات الجهادية من تكديس مخزونات كبيرة من الذخيرة والأسلحة والسيارات، وبذلك تحولت إلى المصدر الرئيسي للإمداد بالسلاح، مما عوّض الانخفاض في التدفقات القادمة من ليبيا وغيرها من مناطق النزاع السالفة الذكر.
 
وأصبحت الهجمات المتتالية على القواعد العسكرية تُشكّل هاجساً لحكومات دول الساحل التي تجد نفسها عاجزةً عن تأمين مخازن الأسلحة، فقد أصبحت تُقاتَل بأسلحة مغنومة من جيوشها. ويتفق قادة دول الساحل على الحاجة الماسّة إلى إدارة صارمة للمخازن في الثكنات للتحكم في خروج الأسلحة والذخيرة، وتحسين إمكانية تتبعها إن تمّ الاستيلاء عليها.
 
مع مرصد الساحل