إذا كانت الهجرة غير الشرعية تعني اجتياز الأفراد للحدود خلسة، فإنها تحولت منذ بداية التسعينات وبشكل تدريجي إلى عمل منظم تشرف عليه شبكات وتنظيمات مختلفة وتعمد في نطاق عملها إلى التحايل على القانون واختراقه بأقل الخسائر الممكنة.
أما المهاجرون الذين يعمدون بشتى الطرق ليتم نقلهم إلى دول يقصدونها ويخترقون بلدانا دون إجراءات قانونية وغالباً ما يكون ذلك عبر شبكات إجرامية دولية وعبر وسائل نقل وأساليب تشوبها خطورة كبيرة على حياة المهاجرين السريين مما يؤدي إلى وفاتهم أحيانا كثيرة وهذا الأمر دفع بالأمم المتحدة إلى إقرار اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها ولا سيما بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو وبرتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكملين للاتفاقية.
فالهجرة غير الشرعية أو غير النظامية ظاهرة عالمية موجودة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أو في الدول النامية بآسيا كدول الخليج ودول المشرق العربي، وغيرها من مناطق العالم .
ويصعب تحديد حجم الهجرة غير الشريعة نظراً لطبيعتها، ولكون وضع المهاجر السري يشمل أصنافا متباينة من المهاجرين، وتتضارب التقديرات بشأن الهجرة غير المنظمة، فمنظمة العمل الدولية تقدر حجم الهجرة السرية ما بين 10- 15% من عدد المهاجرين في العالم البالغ حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة حوالي 180
مليون شخص ، وحسب منظمة الهجرة الدولية فإن حجم الهجرة غير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل لنحو 1.5 مليون شخص.
ومن حيث أنها هجرة وحسب فهي منذ القدم شكلت بكل أنواعها دوراً مهماً في تلاقي المجموعات البشرية مشكلة حضارة مشتركة، أما الهجرة التي نحن بصدد الحديث عنها فهي الهجرة الغير شرعية التي تتخطى القانون وتشكل منحى خطيرا في المجتمع وتؤدي إلى إفراغ الدول الفقيرة من الطاقات وتسرب المهارات والعقول والأيدي العاملة حيث يأتي هؤلاء في موجات عبر الصحراء توجهوا نحو أوروبا بوسائل شبه بدائية التي من بينها المشي لمسافات طويلة يتعرض فيها الإنسان لأنواع شتى من الأخطار مثل الأمراض وقطاع الطرق وربما يستهدف من حرس الحدود عندما يشكل خطرا وأقصد هنا من يحمل السلاح ويبرزه في وجه المكلفين بحماية الدول، وفي سبيل وصولهم إلى أوروبا لابد لهم من قطع عرض البحر المتوسط ليتعرضوا للموت في قوارب متهالكة تحمل العشرات بدون أدنى حقوق إنسانية، وكثيراً ما تنتهي هذه المغامرة بمأساة، حيث يدفع المهاجر كل مدخراته من أجل أن يظفر بمكان في مركب متهالك تؤمنه له العصابات المتخصصة ثم لا يلبث أن تبتلعه أمواج المتوسط وقليل منهم يصل إلى وجهته ليكتشف خطاْ الاختيار فما كان يظن أنها الجنة يقصدها لتنتهي مشاكله وجدها ما يشبه الجحيم فلا يعترف بآدميته أحد... لماذا ؟ لأنه مهاجر غير شرعي ليس له أي حقوق إنسانية حتى مع وضع التشريعات المناهضة للاتجار بالبشر واستغلالهم بأي شكل كان .
الموقف الإفريقي من الهجرة غير الشرعية
عانت إفريقيا ولازالت تعاني من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إليها عبر حدودها البرية، حيث تشهد البلاد دخول آلاف المهاجرين من جنسيات أفريقية مختلفة عبر حدودها البرية المترامية الأطراف، وتسعى السلطات المحلية، جاهدة لمنع دخول المهاجرين إليها، إلا أنها تجد صعوبة كبيرة لمواجهة هذا التدفق الكبير، مع وجود قوانين تجرم الهجرة غير الشرعية حيث تنص المادة الأولى من القانون رقم (6) لسنة 1987 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا مثلا بما يلي:
يكون الدخول إلى الأراضي الليبية أو الخروج منها من الأماكن المحددة للدخول أو الخروج وبإذن من الجهات المختصة ويكون ذلك بالتأشيرة على جواز السفر أو الوثيقة التي تقوم مقامه. و تنص المادة الثانية على أنه يجوز للأجنبي دخول الأراضي الليبية أو البقاء فيها أو الخروج منها إذا كان حاصلا على تأشيرة صحيحة وفقا لأحكام هذا القانون ممنوحة على جواز سفر نافذ المفعول صادر عن جهة مختصة معترف بها أو على وثيقة تقوم مقامه تخول حاملها حق العودة للدولة الصادرة منها.
وكالات.