لا تزال منطقة شمال مالي، واحدة من مناطق العالم التي يتم فيها تجنيد الأطفال بشكل واسع من قبل مجموعات مسلحة مختلفة، ما جعل الأطفال وقوداً للصراعات المسلحة المنتشرة في البلاد، و تختلف الدوافع التي تجبر الأطفال تحت 18 عاماً على الالتحاق بالمتمردين أو الحركات المسلحة، الأمر الذي يخلق تنوعاً في أساليب إيقاع هؤلاء الصغار في براكن التجنيد.
محمد غالي أحد سكان مدينة منكا، "تقوم بعض الحركات الموقعة على اتفاق الجزائر، في مدينة كيدال بتقديم حصص أسبوعية لطلاب المدارس تتحدث عن بطولات الحروب وفضائل ما سموه الثورة وعرض أفلام حماسية ووثائقية تحكي بطولات شخصيات أزوادية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المؤامرة الخارجية التي تتطلب مواجهة عسكرية حتمية يشارك فيها الجميع، وبث أغاني وقصائد حماسية تغري الصغار بالتجنيد".
يتابع محمد "لا يتوقف الأمر عند الدروس الأسبوعية، بل هناك أياماً لتعليم الأطفال على التعامل مع السلاح سرا وترغيبهم على حمله بشكل مستمر، بحيث يرسخون فكرة أن السلاح لا يجب أن يفارق الكتف باعتباره صديق الرجل الذي يجب أن يحارب من أجل الذود عن بلده وذلك ليس بجديد".
ويؤكد موسى أستاذ في مدرسة بتين بكتو بأن التسرب من التعليم والالتحاق بالمعسكرات بولاية تين بكتو مستمر ومتزايد. يقول: "كان لدي في الصف الثالث الإعدادي العام الماضي أكثر من 80 طالباً، والآن لا يتجاوزون العشرين، إلتحقوا بالحركات طمعا من التجنيد في الجيش المالي في عملية الإدماج التي تضمه إتفاقية الجزائر".
ويفشل الآباء أحيان كثيرة في إقناع أطفالهم بالتراجع عن قرارهم في الخروج من المدارس والالتحاق بالجماعات المسلحة، "لأنهم يهربون والناس قد تعودوا على تقبل الأمر، يقول: توري مامادو والد طفل يبلغ من العمر15 عاما منضم إلى إحدى الحركات النافذة في المنطقة، " حاولت أن أمنعه لكنه غلبني وذلك لأنهم يكثرون الترغيب في إقناع الطلاب للانضمام إليهم، ويحرصون على الإكثار من وسائل الترغيب مثل الدورات التدريبية وتحقيق الرغبات للمراهقين كتسليحهم".
ويعبّر توري عن حزنه لقيام كثير من الأسر بالدفع بأبنائها إلى التجنيد بما يحرمهم من فرص التعليم ويعرضهم لمخاطر كثيرة مثل الموت والتشويه والمرض وتعاطي المسكرات والدخان وغيرها من المخاطر.
في المقابل يرى مسؤول عسكري بمنسقية الحركات الأزوادية (سيما) الناحية الغربية، أن الأمل الحقيقي الوحيد لأطفال إقليم أزواد هو أن يتم وضع حد لحالة عدم الاستقرار المزمن، حتى يتسنى للقّصّر الذهاب إلى المدارس وعدم الاضطرار لحمل البنادق.
منفيا تجنيدهم للأطفال الصغار.
مضيفا في الوقت ذاته "طالما أنه لا يوجد سلام في البلاد، فسنرى الأطفال يحملون السلاح كما هو في جميع أنحاء العالم".