الصحراء الكبرى, وتعرف في اللغة الإنجليزية بـ”Sahara”؛ هي أكبر الصحارى الحارة في العالم، وثالث أكبر الصحراء بعد القطب الجنوبي والقطب الشمالي, وأكبر الصحراء في أفريقيا. تمتد بين شمال ووسط قارة أفريقيا, وهي قاحلة وجافة، تتميز بندرة هطول المطر، وتزخر بموارد حبوانية ومعدنية.
التضاريس
تقدّر مساحة الصحراء الكبرى بـ 9,065,000 كيلومتر مربع في الحجم الإجمالي. تعادل مساحة الصين وتغطي ثلث القارة تقريبا. تمتدّ من سواحل المحيط الأطلسي غربا إلى تخوم البحر الأحمر شرقا.
تشمل تضاريسها مناطق السهول التي تنتشر فيها الصخور والكثبان والعديد من البحار الرملية. وهي تتراوح في الارتفاع من 100 قدم تحت مستوى سطح البحر، إلى القمم في جبال “الهقار” و “تيبستي” ، التي تتجاوز 11,000 قدم (3،350 م). وكان طولها 4800 كلم وعرضها 1800، وتنتشر عبر 11 دولة أقصاها غربا السنغال وموريتانيا وأقصاها شرقا السودان وإثيوبيا، وكان علماء جغرافيون يعدّون صحارى الجزيرة العربية جزءا من الصحراء الكبرى، لأوجه شبه كثيرة بين الاثنتين في البنية الجيولوجية والمناخ والغطاء النباتي والحيواني.
قد تكون الصحراء الكبرى تتميز بعدم أو قلة هطول الأمطار، لكن عددا قليلا من الأنهار الجوفية تتدفق من جبال أطلس، وتساعد في ري الواحات المعزولة. وفي الشرق، تساعد مياه النيل على تخصيب أجزاء صغيرة من مناظرها ومشاهدها الطبيعية.
السكان
يرى العلماء أن الناس سكنوا بالفعل حافة الصحراء الكبرى منذ آلاف السنين قبل الميلاد. ومنذ ذلك الحين كان النوبيون, والأمازيغ وغيرهم الكثير ضمن الشعوب التي سكنت المنطقة أو وصلت إليها.
وفق تقديرات عام 2015, يبلغ عدد سكان الصحراء الكبرى ثمانية ملايين نسمة، يتوزعون بين الوسط الحضري والقروي ومنهم أعداد هامة من الرحل، ويوجد ثمنهم تقريبا في جنوب الجزائر، جنوب المغرب، جنوب ليبيا، جنوب تونس، وشرق موريتانيا وشمال مالي والنيجر.
ومن المجموعات العرقية التي تقطن الصحراء الكبرى, هي: عرقيات التبو، والفلان، والسونغاي، والبمبارا. إضافة إلى العرب من بني حسان وبني معقل وبني هلال في الجزء الغربي والأوسط، والمجموعات العربية التي توجد في تشاد والنيجر والسودان. وفيما يتعلق بالمجموعة الأمازيغية, فهي توجد في جنوب الجزائر والمغرب، وشمال مالي والنيجر وليبيا، من خلال مجموعات الطوارق بمختلف تفرعاتها.
وبحسب تصنيف الباحث الفرتسي “تيودور مونو”, تتشكل الصحراء الكبرى من ثلاثة فضاءات تتمايزُ حسب طريقة شد الرحال على الإبل. وكان الفضاء الأول يشمل منطقة القرن الأفريقي والحبشة والسودان وجنوب مصر وشمال تشاد، ويشمل الفضاء الثاني بالأساس قبائل التبو والطوارق، في حين يشمل الفضاء الثالث مجموعات بني حسان أو ما يُسميه الباحث مونو “فضاء الراحلة”.
الثروات
كانت الصحراء الكبرى في السابق منطقة أكثر رطوبة بكثير مما هي عليه اليوم. وتكشف النقوش أن أكثر من 30،000 نوع من حيوانات النهر مثل التماسيح تمكنت من العيش في المنطقة، وكان نصف هذه النقوش وُجدت في “ناجر تاسيلي” في جنوب شرق الجزائر. ومما وُجدت أيضا هي: أحافير الديناصورات، بما في ذلك “أفروفينتورAfrovenator” و “جباريا Jobaria” و “أورانوساوروس Ouranosaurus”.
وعلى الرغم من أن الصحراء الكبرى لا تتميز بالخصبة في الغطاء النباتي، ما عدا مناطق وادي النيل، في عدد قليل من الواحات، وفي المرتفعات الشمالية حيث تنمو فيها نباتات البحر الأبيض المتوسط مثل شجرة الزيتون؛ كان الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة أن الصحراء الكبرى كانت على حالتها التي تعرف بها اليوم منذ حوالي 1600 سنة قبل الميلاد، بعد التحولات في درجات الحرارة وزيادة محور الأرض وانخفاض هطول الأمطار، والتي أدت إلى تصحر مفاجئ في شمال أفريقيا منذ حوالي 5400 سنة. ولكنه مؤخرا ظهرت دعوات إلى إعادة البحث والتأكد من هذه النظرية لكونها موضع الشك، لأن عينات أخذت من ودائع الرمال القديمة يقدّر بـ 7 مليون سنة أدت إلى أن يعيد العلماء النظر في الجدول الزمني للتصحر.
تُقدر حيوانات الصحراء الكبرى بعشرات الملايين من رؤوس الإبل والأبقار والأغنام. وكان مها أبو عدس, المعروف أيضا باسم الظبي اللولبي القرون، من أكبر الثدييات الأصلية في الصحراء الكبرى, يسافر في جميع أنحاء الصحراء الغربية وموريتانيا وتشاد, وبدلا من شرب هذا الحيوان من الماء، فهو يمتص الرطوبة من الأعشاب الصحراوية والشجيرات. وتساعد حوافر هذه الظباء الضخمة في التحرك على الرمال عير المتماسكة.
وتزخر الصحراء الكبرى أيضا بموارد معدنية ثمينة, مثل البترول الذي كان أهم حقوله في ليبيا والجزائر وتشاد، والمنغنيز والنحاس والحديد الذي كانت موريتانيا أكبر منتِج له في المنطقة، واليورانيوم الذي كان أبرز مناجمه في النيجر. وما زالت دول الصحراء الكبرى تواجه تحديات بسبب “الديموقراطية الوليدة” والفساد الإداري والمالي، وضعف تطبيق الخطط الاستثمارية، مع التمزق المجتمعي والاضطراب السياسي والنزاعات
المصدر : أفريكاعربي