يعاني المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى ليبيا من معاناة كثيرة يصفونها بإنتهاكات في حقوقهم بحيث يسمع صدا شكاوى التعدي عليهم بسلب أموالهم بل وأحيانا أرواحهم، كما يستعملون في الحروب.
وفي هذا الصدد يتحدث مهاجر من غانا في الجنوب الليبي لصحيفة "الغد" أول صحيفة عربية في مالي. إدريس مهاجر آخر وهو من نيجيريا عامل نظافة عمل في عدت مناطق من الجنوب الليبي لأكثر من 40 عاما هاجر بلاده ليحصل على المال من أجل طفله المصاب بالشلل بسبب حادث سير تعرض له، وبعد أن صار إبنه عاجزا مع صغر سنه شعر إدريس أنه سببا في معانات طفله، فقرر أن يهاجر إلى ليبيا ليحصل على لقمة العيش وما يعالجه به ، ولكن حدث ما دون ذلك مع إدريس، مفصلا: "ما تعرضت له في السنوات التي عشتها في ليبيا كان جحيما أكثر من كونه كابوسا فمن أول سنة دخلت السجون وتشردت وذقت مرارة لا يحسد عليها عدوا ".
يواصل إدريس" كنت أسكن في حي عشوائي وكل شهر تأتي الشرطة وتقبض علي أنا ومجموعة من الافارقة السود وتزج بنا في السجن فتطلبنا بكفالة قدرها 200أو300 دينار لليبي ، فأضطر لدفع ماعملته في ثلاثة أشهر أو أكثر". مضيفا " لكن تغير الوضع عندما أطيح بنظام معمر القدافي صار الوضع صعبا علينا في كل مكان خصوصا في الأيام التي اندلعت نار الحرب في ليبيا ".
معاناة الحرب:
يكشف إدريس أنه قد تم إجباره هو ومجموعة من المهاجرين على المشاركة في الحرب سنة2011
مؤكدا ذلك بالقول: "لقد أخذنا المصراتيين وكنا لا نعرف عن السلاح شيء لكن إكتفى الجيش الليبي التابع لمعمر القدافي آنذاك بأن يضعنا في مقدمت صفوف الأمامية في الحرب ليصنعوا منا دروعا بشرية ويحموا بها انفسهم من الرصاص".
بينما يوضح إدريس أنه في حال إصابة أحدهم بالرصاص يقول الجيش اتركوه هذا مهاجر غير شرعي علاجه لن ينفع ولن يزيد شيء.
تجربة قوارب الموت:
مصطفى الذي هاجر إلى ليبيا في هجرة غير شرعية ليتمكن من تجاوز البحر ويدخل لأوروبا،
يرى بأن السبب الوحيد الذي جعله يأتي لليبيا أنه أراد الذهاب لأوروبا، موضحا "منذ أن وصلت إلى ليبيا كلما حاولت الذهاب يحدث شيء يمنع من ذهابي وفي آخر مرة حاولت الذهاب برفقة مجموعة من الشباب الذين ينوون الذهاب لأوروبا ، تفاهمنا مع شاب ليبي أخذ من كل شخص منا مبلغ قدره 450 دينار ليبي ووعدنا بأن يوفر لنا سفينة تأخدنا إلى شواطئ أوروبا، و في اليوم الذي جمعنا فيه لاحظنا أن السفينة صغيرة جدا بينما كان عددنا كثير عليها ولكن قال لنا عندما تتوسطون البحر ستجدون سفينة اكبر في إنتظاركم فيه صديقي وهو ينتظركم، انطلقنا معه لأن حلمنا أن نصل إلى تلك السفينة التي ستأخذنا لأوروبا التي دفعنا الكثير من المال لنصل لها، ولم نكن نعلم أن ماينتظرنا جحيم".
ويؤكد محدثنا بأنهم تابعت بهم السفينة إلى أن تجاوزوا النقطة التي حددها لهم مرافقهم الشاب ولم يجدوا أحدا في انتظارهم وقد توسطوا البحر ولم يعد يرون شيء غير السماء والبحر.
ويصف مصطفى موقفهم آنذاك "فجاءة صرنا نشعر بأن السفينة فقدت توازنها وصارت تتمايل وبدأنا نقع في البحر واحدا تلو الآخر، ولا أتذكر شيء بعد ذلك إلا أني الوحيد من نجى من بين 30شخص كانوا معي".
فقدان الأمل:
تتكرر الطموحات ولكن المصير واحد، محمد مهاجر من نيجيريا فقد الأمل قائلا: " لدي أكثر من 30 عاما في جنوب ليبيا وأنا أعمل ليلا ونهارا في الأعمال الشاقة لأكسب لقمة عيش أرسلها لأطفالي وأهلي في غانا ".
ويتابع محمد "لكن كلما إدخرت مالا بعد جهود وأعمال شاقة يأتي مجموعة من الشباب السكارة يبرحوني ضربا ويأخذون كل ماجنيت في عدة شهور فأرجع من نقطة الصفر وأبدأ في الجمع من جديد ولكن ما أن أدخر مالا حتى يحدث معي نفس الشيء إلى أن ضقت درعا من هذا وقررت أن أغادر هذا البلد الذي لا بركة لي بما أجمعه ولا حق لي فيه".
ولايختلف الوضع في المؤسسات الصحية فالمهاجرين غير الشرعيين يقولون بأنهم آخر من ينظر له الأطباء وإن مات أحدهم يبقى في ثلاجات الموتى حتى تتحلل جثته وتتعفن في ذلك الوقت يتم دفنه، ويرون كذلك بأن لا فرق بين القادم من السينغال أو نيجيريا أو غانا ومالي أو غيرها من الدول السمراء، وليس لدولة قيمة عن الأخرى بصرف النظر عن طبيعة العلاقات بين دول القارة السمراء.