الغد أول صحيفة عربية مالية

رحلتي إلى موريتانيا عن طريق المغرب

بواسطة kibaru

في منتصف الشهر الماضي سافرت في رحلة زيارة إلى دولة موريتانيا ، إلى مدينة نواكشوط ، لفترة غير محدوده ، وقد كانت  أول رحلة لي إلى غرب أفريقيا ، بل إلى أقصى غرب أفريقيا ، إلى شاطئ المحيط اﻷطلسي .
 
بدأت رحلتي من مدينة العيون المغربية بعد مدة جلستها في تلك المدينة وهي سبعة أشهر تقريبا مع خالي العزيز شقيق والدتي الأصغر تركته أسأل المولى عز وجل أن يحفظه من كل شر ، وذهبت عبر حافلة النقل الجماعي ، إلى مدينة الداخله في رحلة طويلة تجاوزت ستة ساعات بإتجاه الجنوب ، حتى توقفنا في مدينة الداخله القريبة من الحدود المغربية الموريتانية ، ونزلت في أحد الفنادق ، ثم تجولت في تلك المدينة الجميلة وقضيت فيها لمدة يومين ، ثم استمرت الرحلة إلى موريتانيا بعد صلاة الفجر وقد نظرت إلى الساعة قبل ذهابنا إلى موريتانيا وكانت حوالي الساعة السادسة صباحا بتوقيت جرينتش وكانت الشمس ما زالت في وقت مبكر ، ثم وصلنا إلى الحدود المغربية الموريتانية مع الثانية ظهرا بتوقيت جرينتش ، وبعد دخول الأراضي المورتانية ،
وبعدها لاحظت أن كل هذه المنطقة عبارة عن صحراء ممتدة ، تشعرك أنه لا يوجد صحراء أكبر منها في العالم وأن أفريقيا تمثل الصحراء فيها نسبة كبيرة جداً خلاف ما يعرف عنها أنها مليئة بالغابات ، فطوال خمس ساعات من الحدود حتى العاصمه نواكشوط عبرنا فيها في ذلك الجزء من الغربي اﻷفريقي لم نرى فيها أي غابات أو أنهار فقط كانت صحراء . 
 
وبعد وصولنا إلى نواكشوط  أول ما لاحظته هو خلو تلك المدينة من أي ازدحام ، سواء إزدحام مروري أو سكاني أو في المباني أو حتى المتاجر ،  فأغلب السمة هي الهدوء والسكون ورحابة المكان . وكل هذه الأشياء تمثل لي ما أتمناه في المنطقة التي اقوم بزيارتها والعمل فيها . 
 
كذلك لاحظت تباعد اﻷماكن من بعضها ، مثلاً المساجد والبقالات ، وربما هذا ناتج عن قلة الكثافة السكانية في المنطقة .
السمة العامة هي البساطة ، سواء في تركيبة المدينة مع أنها العاصمة فنتوقع من أي مدينة أخرى فيها أن تكون أكثر بساطة من نواكشوط ، كذلك بساطة سكانها من موريتانيين ومن باقي الجنسيات اﻷخرى، فإحساسي بها أنها مازالت أقرب للفطرة ، أي الفطرة السليمة التي لم تختلط بعد بالعولمة ، أو قاومت العولمة ، أو على اﻷقل قاومت مساوءها . 
 
حقيقة كان الوقت مكثفاً في هذه الرحلة ، لذلك لم أتمكن من زيارة معظم المدينة ولم أتعرف حقيقة على الموريتانيين بشكل جيد حتى الآن ، لكن هذه أتركها بإذن الله في الفترة المقبلة . 
 
من اﻷشياء المميزة التي عايشتها في موريتانيا مدة إقامتي فيها هي المساجد والصلاة ، مع أني وجدت إختلافا في البداية ، مثل طريقة قراءة القرآن ، إلا أني تعودت عليها ووجدت أنها أقرب لفطرة اﻹسلام اﻷولى . فقراءة القرآن كانت بتؤدة وتمهل تترك للمصلى وقتاً للتدبر ، كذلك إصطفاف المصلين وإزدحامهم في الصفوف اﻷولى وإلتصاق الكتف بالكتف تجعلك تظن أنها نفس طريقة الصلاة أيام الصحابة والتابعين، إلا أن غرقت في البحث عن سبل لمعرفة التجارة وغيرها من الأعمال في هذا البلد المتواصل ، بسبب ضيق وقت المهمة جعلت الذهاب للصلاة عبارة عن استراحة مهمة تساعدني على الرجوع بروح جديدة . 
 
كذلك فقد فهمت وازددت يقيناً بصدق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه :
ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله به الإسلام ، وذلاً يذل به الكفر .
ولعل هذا الحديث ما شجعني للكتابة عن تلك الرحلة، وكان إنتشار اﻹسلام والمحافظة على فطرته في تلك البقعة النائية من اﻷرض هي آية من آيات الله .
وإختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم لإرتباط إنتشار اﻹسلام ببلوغ الليل والنهار تفهم معناه عندما تكون في الطائرة أو في السفر ويتقلب عليك الليل والنهار و هما مقياسان لكبر حجم اﻷرض .
 
عندما تنظر من الطائرة إلى اﻷرض تكون لديك زاوية جديدة لرؤية اﻷرض وتستنتج أن رؤيتنا للأرض هي رؤية ذات بعدين فقط ، أما الرؤية من اﻷعلى فهي ذات أبعاد أكثر من ذلك ، تشعرك أنك كنت محصوراً في تفكيرك في بقعة صغيرة وأن العالم الذي نعيش فيه هو أكبر من ذلك بكثير ، فيحتاج اﻹنسان إلى تلك النظرة من وقت لآخر .
 
كما ذكرت فإن ازدحام الوقت حتى الآن لم يترك لنا مجالاً لمعرفة شخصية الإنسان الموريتاني لأحدثكم عنه وطريقة حياتهم وجغرافية وتاريخ ذلك البلد النائي ، ولكن مع مرور الوقت أستطيع أن اتعرف عليهم أكثر وأكثر  ويقصوا لنا تاريخهم وقبائلهم وتقاليدهم ، وكنت قد وجدت من أعرفهم من الأقارب والزملاء الذين تعرفت عليهم عبر التواصل الاجتماعية . 
 
النزهات الوحيدة التي قمت بها كانت زيارة الأقارب في العاصمة  نواكشوط وإحدى القرى المجاورة لها وهي بوتلميت ، وحتى أصبحت بالتمكن من معرفتهم جيدا  وصلة القرابة التي تربطني بهم بالدم ، وكانوا أشخاصا مهذبين ، ويمتازون بالكرم ، ويتمتعون بالحياة.. الخ .. ! من الميزات والصفات الحسنة ، 
وحيث قمت بزيارة إلى المحيط ، مع أنها كانت قصيرة جداً إلا أن المحيط كان لا يوصف ولا يشبه البحر اﻷحمر و الخليج الذي رأيته طول حياتي . 
على فكرة، لست من كثيري اﻷسفار ، لكن رؤية مكان جديد وبعيد يأتي معه إحساس أن كل مكان آخر هو عالم في حد ذاته... نسيت أن أذكر أن الجو كان عليلا ، مشبعا بالرطوبة ، و كان الحر شديدا بالنهار ، والبرد شديدا في الليل لكنه أخذ في اﻹعتدال في اﻷيام اﻷخيرة ..
 
بقلم/ عبدالجليل بن أحمد الأنصاري