سلطات تمبكتو وتودني أجلت أربع مرات وجاء ذلك بعد تنصيب السلطات المحلية المؤقتة في كل من: كيدال، قاوا ومنكا، ومن خلال هذا التقرير الخاص بصحيفة "الغد" أول صحيفة عربية-فرنسية في مالي، سنسلط الضوء على بعض العوائق التي هي السبب الحقيقي لتأجيل هذه السلطات المؤقتة والتي من الواضح انها ترجع لاحتجاج حركة المؤتمر من أجل العدالة في أزواد "سيجيا" التي تضم متمردين سابقين كانوا مع منسقية سيما إلى أن قرروا الإنسلاخ عنها وتأسيس حركة خاصة بهم في ولاية تمبكتو مستقلة عن كيدال، واختاروا الحكومة المالية حليفا لهم باختيار موظفي الحكومة بمكتبهم التنفيذي، وتحتج الحركة على عدم اشراكها بآليات تنفيذ الإتفاق وبالأخص هذه السلطات المؤقتة وحاصرت المدخل الغربي للمدينة، وتزامن ذلك مع هجوم عناصر من الحركات العربية معارضين اختيار الحكومة لحمودي اغادا، رئيسا لسلطات تودني لبوابة الجيش الوطني المالي بمدخل تمبكتو الشمالي وسيطروا عليها أيام قبل أن يسلموها للجيش.
طابع الإقصاء وقانونية السلطات المؤقتة
تعالت الأصوات المنددة بطابع الإقصاء وعدم الشمولية ضد تعيين بعض الأشخاص في هذه السلطات المؤقتة، فقد نظمت مظاهرات سلمية في عدد من المناطق بشمال البلاد تنديدا بـ"انتهاك مبدأ الشمولية" الذي ينصها اتفاق السلام والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر.
وقد أكد العديد من المتابعين عدم وجود أي إطار قانوني ينظم تنفيذ وتنصيب السلطات المؤقتة، وبخاصة أن القانون المعدل لإيجاد مرسوم قانوني يدعم السلطات المؤقتة المعتمد مارس 2016، من قبل الجمعية الوطنية، ولم يعد هناك حديث عن الإطار القانوني الذي يحوي السلطات المؤقتة وضرورة شموليتها، ونتائج هذه الخلافات السياسية المطولة ستزيد المعاناة التي كانت ولاتزال موجودة ولاشك أنها تزيد معاناة الشعب بمختلف أطيافه.
ومن الواضح أن الإطار القانوني الوحيدالذي يتم فيه ذكر هذه السلطات المؤقتة، هو وثيقة الاتفاق الذي وقع في يونيو 2016 من قبل الحكومة والحركات المسلحة (سيما وبلاتفورم)، ومع ذلك، فقد انتكست هذه الوثيقة منذ 20 نوفمبر الماضي حيث أقيمت انتخابات البلديات التي كان من المفترض أن تكون ضمن أعمال هذه السلطات المؤقتة.
مصدر الخلافات والحلول المطروحة
لا تزال خلافات وخلل إقامة هذه السلطات في ولايتي تمبكتو وتودني عائق ومصدر قلق بين أطراف النزاع في شمال مالي، والسبب قد يكون في تضارب المصالح، فآخر مرة أعلن وزير اللامركزية الإدارية محمد أغ إغلاف، يوم 13 و14 من شهر إبريل الجاري لتنصيبها وهو ما أكدته لجنة متابعة الإتفاق في دورتها ال16 يوم 4 ابريل بالعاصمة باماكو.
في وثيقة وزير اللامركزية الإدارية دعا فيها جميع أعضاء سلطات الولايتين الى الجلوس يومي 13 و14 لاختيار رئيس ضمن الأعضاء، هذا ما يوحي إلى أن الرئاسة فقط قد تتغير مايعني أن حمودي المرفوض من قبل بعض عناصر الحركات العربية قد يطيح به هذا القرار، ويكون ذلك حلا يرضي من يعارض رئاسته لولاية تودني.
يومي 13 و 14 لن يكونا أيام التنصيب!
ويبقى الشوك القوي في المعادلة والعائق الأساسي لتنصيب السلطات؛ ألا وهو حركة سيجيا بدون حل، والتي أكدت بأن هذا التاريخ لايختلف مع سابقيه فلن يتم تركيب أي سلطة بدونها وتواصل قواتها الحصار. ومن هنا نرى أن تاريخ يوم 13 ابريل ليس تاريخا موافق عليه من قبل المحتجين مايوضح كذلك أن تأجيل خامس أو سادس سيحصل، حيث "سيجيا" قوة لاتجهل الحكومة صعوبة تركيب سلطة في تمبكتو بدونها.
هل تضارب المصالح عائق آخر؟
نرى أن السلطات المؤقتة ومسؤولي البلديات لديهم تقريبا نفس الصلاحيات ونفس الأدوار، وقد يكون ذلك هو مايفسر أيضا حقيقة أن المسؤولين المحليين المنتخبين يساندون الجهات الرافضة لتركيب هذه السلطات.
وستكون صلاحية تلك السلطات المؤقتة وفقا للاتفاق، ما بين 18 إلى 24 شهرا ولكن يبدو أن فترة تولي السلطات لن تتخطى بضعة أشهر لأن الحكومة اختارت تاريخ 28 مايو المقبل لعقد بلديات بقية المناطق و9 يوليو للانتخابات الإقليمية و الاستفتاء على الدستور الذي ينصه الاتفاق.
نشير إلى أن هذه الحقائق تكشف الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في هذا التاريخ وان تنصيب السلطات لايمكن في هذه الاجواء باعتبار أن هناك الكثير ممن يعارضونها ولم يتم تسوية أمرها بعد.
والسؤال الآن هل أصبحت السلطات المحلية المؤقتة في تمبكتو وتودني المأزق الجديد في عملية السلام ومثابة شهادة وفاة لاتفاق السلام والمصالحة في مالي؟