الغد أول صحيفة عربية مالية
نهاية مهمة رئيس الوزراء في مالي

الطوارق يحتفلون بصداقة سفينة الصحراء في ليبيا

بواسطة kibaru

تلتقي قبائل الطوارق سنويا في بلدة “غات” الليبية من خلال مهرجان سنوي تأتي إليه من الجزائر ومالي والنيجر لتجتمع في احتفالات تحمل الخصوصية المشتركة في البلدان التي تقطنها من خلال الحفلات والرقص والأكل وخاصة السباق الذي يتوج فيه الفائز بمكانة مرموقة اجتماعيا بين القابئل إلى أن يحين السباق القادم.العربغات )ليبيا( – مع أواخر كل عام تشهد بلدة “غات” الليبية)جنوب غرب( على الحدود مع الجزائر تجمعا أشبه بيوم العيد، حيث يتوافد عليها الطوارق من أنحاء ليبيا وخارجها، كبارا وصغارا، رجالا ونساء، يتزينون بملابسهم التقليدية، لمتابعة سباق الهجن.السباق، الذي يحلو للطوارق تسميته “تملغا”، أقيم الإثنين الماضي، مع انطلاق فعاليات الدورة الـ22 لمهرجان “غات” السياحي الدولي، ويعد الحدث الأهم للمهرجان؛ حيث يحظى باهتمام ومتابعة كبيرين من سكان المنطقة عامة والطوارق على وجه الخصوص.ومع ساعات الصباح الباكر، وعند نقطة انطلاق السباق، الذي يمتد لمسافة 20 كم، وكما هو الحال كل عام، احتشد أقارب وأصدقاء المتسابقين، من أجداد وأحفاد، لمرافقة وتشجيع الأبناء من المتسابقين، في تظاهرة تعكس العادات والتقاليد التي ترعرع عليها الطوارق في الصحراء.والطوارق هم قبائل من أصول أمازيغية، ولغتهم الرئيسية هيالأمازيغية بلهجاتها الثلاث )التماجقية والتماشقية والتماهقية(،ويمتد وجودهم من المغرب إلى مصر، ومن ليبيا وتونس والجزائر شمالا إلى النيجر وتشاد وبوركينا فاسو جنوبا.ويركب الطوارق أو الأمازيغ الملقبون أحيانا بـ”الرجال الزرق” الجمل الصبور لترحالهم وتنقلهم من مكان إلى آخر، فتجدهممهتمين به كثيرا لكونه أثمن كنز يقطن الصحراء، يتحمل العطش والأثقال، كما يزوّدهم باللحم واللبن الطيب.غومة التارقي، وهو مواطن ليبي من “غات”، قال إنه “لطالماارتبط وجود الهجن في الصحراء ارتباطا وثيقا بحياة الطوارق، ودوما تربطهم علاقة مبنية على الصبر وتحمل متاعب الصحراء، لذا ينتظر رجال الطوارق أي مناسبة، اجتماعية أو غيرها، ليظهروا علاقتهم بالهجن”.غومة، تابع أن “سباق الهجن يعتبر حالة خاصة يظهر فيها الفرسان مهاراتهم وقدراتهم على الانسجام والتحكم فيالهجن، لكي يظفروا بالمجد لقبائلهم، ولتكتب القصائد باسم الفارس الفائز، وتتغنى بها النسوة، كدليل على مدى مهارة الفارس، وتكريما له بعد فوزه بالسباق”.ما يميز نهاية سباق الهجن عند الطوارق ليس الفوز بالسباق ماديا فحسب، فوقعه الاجتماعي يبدو الأكثر أهمية،حيث يظفر الفارس الفائز بمكانة اجتماعية مرموقة وسط أهله وقبيلته، ويتباهى بهذا الفوز وتلك المكانة حتى سباق العام التالي.وبسبب إلغاء رحلة الطيران، التي كانت مقررة الأحد، لم يتمكن عبادي الحسن )25 عاما(، وهو أحد أبناء الطوارق المقيمين في العاصمة الليبية طرابلس، من الوصول إلى بلدة “غات”، الواقعة وسط وادي “تنازوفت” في قلب الصحراء الليبية الغربية.وهو يتحسر، قائلا “لم يسبق أن فاتني سباق الهجن، ولكن سأتابع نتائجه عن طريق الهاتف”.جوائز مالية للفائزينالحسن، وهو ابن أحد المتسابقين الفائزين بسباق الهجن عام 2003، تابع بقوله “سباق الهجن موروث ثقافي من الأجداد والأباء وصل إلى الأحفاد، ويتمتع بأهمية كبيرة عند قبائل الطوارق، فمن يفوز ويذهب إلى قبيلته حاملا شعار الانتصار يكتسب مكانة خاصة بين الفرسان لدى مختلف قبائل الصحراء”.وفضلا عن المكسب المعنوي، فإن لسباق الهجن، بحسب رئيس اللجنة العليا لمهرجان “غات” السياحي الدولي، أبي بكر كرنفودة، “جوائز مالية تبلغ هذا العام 10 آلاف دينار ليبي )7 آلاف دولار تقريبا(، يحصل منها الفائز بالمركز الأول على ثلاثة آلاف )نحو ألفي دولار(، ويتم اختياره من قبلالاتحاد الليبي لرياضة الهجن لتمثيل ليبيا في سباقات دولية”.كرنفودة مضى قائلا إن “هناك العديد من المشاركات من خارجليبيا لطوارق من مالي والجزائر والنيجر، سواء كانوا فرسانا فقط )لا يشاركون بهجن خاصة بهم( أو حتى بالهجن”.وهذا العام فاز بالمركز الأول في سباق الهجن المواطن الليبي، مادي حسن مادي، وتحدث بقوله “أنا فخور بهذا الفوز.. كان السباق متعبا جدا.. في النهاية لا تهمني الجائزة المالية، ما يهمني فقط هو الفوز”.مادي، وهو فارس في أحد أندية بلدة “أوباري” )970 كم جنوب طرابلس(، التي تهتم بالهجن، تحدث عن الهجن التي شارك بها في السباق قائلا “اشتريت هذه الهجن من بلدة إليزي الجزائرية، قبل 3 أيام للمشاركة بها في السباق.. كان ثمنها 6 آلاف دينار ليبي )نحو 4 آلاف دولار(؛ ما يعني أن ثمن الهجن يتجاوز جائزة السباق”.وبنبرة صوت وملامح وجه تملؤه السعادة والفخر، ختم ماديقائلا “سأشارك في مهرجان دوز التونسي لتمثيل ليبيا، وسنسير على خطى الأباء والأجداد” في الاهتمام بالهجن والمشاركة في سباقاتها.وضمن فعاليات مهرجان “غات” السياحي الدولي، التي بدأت، الإثنين، وتستمر ثلاثة أيام وتنتهي الأربعاء، إقامة معارض فنون شعبية وصناعات تقليدية ومشغولات يدوية، إلى جانب إحياء فعاليات القرية التراثية، وتجسيد مظاهر الحياةالتي كانت سائدة في “غات” قبل المئات من السنين، بمافيها المأكولات الشعبية، فضلا عن فعاليات أخرى.