الغد أول صحيفة عربية مالية
نهاية مهمة رئيس الوزراء في مالي

كيف قاومت مخطوطات تين بكتو الإندثار؟

بواسطة kibaru

تين بكتو لطالما ارتبط هذا الاسم بتنوع الحضاراتِ والثقافاتِ طَوالَ  قرون و يشكلُ سكانُها من العرب و الطوارق وقبائلِ السونغاي والفلان نسيجًا بشريًا يعيشون في تناغم وسلامٍ ، تماما كما تتعايشُ فيها رمالُ الصحراء وإبِلُها  معَ مياه نهرِ النيجر وعذوبتِها،

تين بكتو ومخطوطاتها التي حرقت منها الحركات الجهادية حوالي 420300 آلاف في حين لا يزال غيرها نائما في خزائن أو مخابئ هذه المدينة الأسطورية، أيضا إنها العاصمةُ الإسلامية الأشهر على الإطلاق في إفريقيا التي لم تسلم من تخريب المتطرفين الذين تمكنوا من احتلالها لمدة أشهر.

 

هذا ما يؤكده بويا حيدرا مسؤول المكتبة والأرشفة بمركز أحمد بابا للدراسات والبحوث الإسلامية الذي يحتوي على أكبر عدد من المخطوطات، "تمكنا من نقل عدد يصل 437000 من مخطوطات المركز في الأكياس إلى باماكو أثناء تواجد الحركات الجهادية، ففي يوم 13 شهر واحد 2013 قامت الحركات الجهادية باقتحام المركز وأضرموا النار فيه واحرقوا ما يقارب 420300 ألفا من مخطوطاتها القديمة قبل فرارهم أمام قوات سيرفال الفرنسية، من أصل 5690000 مخطوطات المتواجدة في المركز آنذاك والتي يرجع تاريخ بعضها إلى القرن الثالث عشر الميلادي".

مضيفا "تضم هذه المكتبة خلاصة للمعارف في القرون الوسطى: مؤلفات في أصول الحكم، نصوص حول مضار التبغ ووصف للأدوية والعلاجات ومؤلفات في القانون واللاهوت واللغة والرياضيات مع تعليقات وحواش من علماء قرطبة وبغداد أو الأندلس".

 

مؤكدا أن حماية المخطوطاتِ من الإندثار و الحفاظُ عليها أثناء سيطرة الجهاديين على المدينة تم بتعاون المواطنين الذين قاموا بنقل بعضها والحفاظ عليها في منازلهم خوفا من أن تُسرق أو تُحرق، وأن من مهمة المركز تصنيف المخطوطات التي يتم العثور عليها وحمايتها وترميمها، فالورق مادة هشة يخشى عليه من الرطوبة والنار، فهو ينكسر ويجف ويتمزق لينتهي رمادا.

 

جبريا سيسي أحد سكان المدينة وجار المركز وكان حاضرا أثناء سيطرة الحركات المتطرفة على المدينة "فعلا السكان هم من ساعدوا المدينَةَ على استعادة حياتها بعدما  فقدتها زمنًا منذ أن حاول تجارُ الدينِ قتلَ هُويةِ المدينة، وطمسَ تاريخِها،  لكنَّ أهلَ تين بكتو كان لهم  الفضلُ في استرجاع هُويةِ  المِنطقة و حضارتِها التي ترجِعُ إلى القرن الثالث عشر الميلادي".

هكذا وفي قلب تين بكتو، في مركز احمد بابا للتوثيق والأبحاث الذي أنشأته الحكومة بمبادرة من اليونيسكو عام 1970، يدور فصل رئيسي من فصول استعادة التاريخ الإفريقي حيث يتم ترميمها وأرشفتها بواسطة أجهزة إلكترونية متطورة.  

وفي هذا الصدد يحدثنا هلى عثمان سيسي، عمدة المدينة، قائلا: "يجب التعرف على الوثائق التي يملكها الأهالي ومن ثم حفظها وترميمها وإلا فان ذاكرة تين بكتو المكتوبة سوف تلغى، وهي ذاكرة البعض لا يدرك أهميتها".

يواصل سيسي"إذا كنا غير قادرين على مكافأة من حافظ على هذه المخطوطات فإننا نشجعه ونقوم باستعادة سريعة للمحفوظات العائلية وهذا أفضل سبيل لتحميل المواطنين المسؤولية وحماية هذا الكنز في الوقت نفسه".

أما المؤرخ الحاج ولد سالم الملقب بكبير مؤرخي تين بكتو، فهو يشير إلى أهمية بعض هذه الوثائق لا سيما تلك العائدة إلى "تاريخ السودان" للمحمود قاطي (القرن الخامس عشر) والذي يستعيد سلالة زعماء تين بكتو و"تاريخ الفتاش" لعبد الرحمن السعد من القرن السابع عشر الذي يؤرخ للسودان في القرون الوسطى، موضحا: "أن اكتشاف هذه المخطوطات و الاحتفاظ بها يعطي إفريقيا جنوب الصحراء الأساس التاريخي الذي أنكر طويلاً عليها والذي بدأت تظهر أهميته يوما بعد يوم".