منذ شهر تم انفجار أزمة في الخليج وهي مقاطعة دول خليجية ثلاثة لدولة قطر بما في ذلك مصر ، وتولّت كبر هذه الأزمة المملكة العربية السعودية ،
وباعتبار دورها الريادي والمدني والديني أرادت أن تتخذ ذلك ذريعة لفرض واقع لدول العالم الإسلامي وسعت في ذلك وهذا ما حصل فعلا في عاصفة الحزم منذ سنوات حيث تحالفت مع السعودية لضرب الحوثيين في اليمن وقد نجحت في ذلك الحشد نوعاما ، لكن في هذه الأزمة حاولت أن تلعب نفس اللعبة لضرب قطر لكن يبدو أنها لم تنجح في ذلك .
الدول الأفريقية التي ساندت..
طبعا الدول الأفريقية التي ساندت السعودية في القارة الأفريقية هي السنغال وجزر القمر وموريتانيا وتشاد والنيجر وجيبوتي التي خفضت تمثيلها الدبلوماسي في الدوحة ، بالإضافة إلى مصر والتي يعتبر انهيازا طبيعيا حيث إن مصر هي طرف في هذا النزاع حيث إن هذه الأزمة من أسباب اندلاع تخفيض الضغط الإعلامي على مصر بقيادة الفريق أوّل / عبد الفتاح السيسي فهي حرب بالوكالة نوعا ما . بينما وقفت دول على الحياد كاثيوبيا والتي توجد مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا ، وكذلك دول المغرب العربي ومالي والصومال .
موقف الاتحاد الأفريقي من الأزمة .
يترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقية الرئيس الغيني البروفيسور / ألفا كوندي وبعد اصطفاف دول أفريقية مع السعودي ، أصدر الرجل بيانا باسم الاتحاد الأفريقي منتقدا مواقف دول أفريقية تدخلت في الأزمة دون انتظار الموقف لجسمي للاتحاد الأفريقي ، والذي اعتبر في بيانه انه مجرد سوء تفاهم بين أشقاء ويجب أن يتوصلوا لحلّ سريع للأزمة وصرح بدعمه للجهود الدبلوماسية التي تقودها الكويت بقيادة الأمير صباح الأحمد ؛ كما عرض خدماته وخدمات الاتحاد في حال كان هناك فرصة لذلك للتوصل لإنهاء الصراع ، وقال في مؤتمر صحفي بعد ذلك من العاصمة الغينية قال إننا في شهر كريم ولا ينبغي أن تثار هذه المشاكل بين دول تعتبر قبلة لكل المسلمين .
قراءتي لموقف الاتحاد الأفريقي .
من خلال ما سبق يتضح انه ومنذ صدور بيان الاتحاد من الاسبوع الاول من الأزمة لم تتخذ بعدها دولة افريقية لصالح هذا الطرف أو ذاك مما يدل على أن الجميع التزم بفتوى بيان الاتحاد ، وهذا في الحقيقة موقف يستدعي الانتباه في أن الاتحاد الأفريقي يشاهد تغييرا في بنيتها السياسية منذ وصول هذا الرجل إلى رئاسة الاتحاد ؛ منذ إعلانه قبل 3 أشهر فقط إلى أن يسعى الاتحاد لتمويل نفسه بنفسه مما قد يؤثر في قراراته السياسية مما لاقت استحسانا لدى غالبية الشعوب الأفريقية وخاصة أن الشعوب تتطلع إلى مزيد من الحرية والاستقلالية في اتخاذ القرارات بالدول الأفريقية دون أي تخويف وابتزاز من أي طرف شرقيّا كان أم غربيًّا .
حقيقة الضغوط السعودية على الدول الأفريقية .
فجرت صحيفة لوموند الفرنسية خبر ابتزاز السعودية والإمارات لدول افريقية بقطع مساعداتها وحاولت الضغط على دول المغرب العربي فرضت كلها تقريبا ووقفت مع الحياد حتى إم المغرب أرسلت طائرة خاصة تحمل أغذية من باب التضامن والتكافل الاجتماعي في الشهر الفضيل ؛ أما إفريقيا غير العرب طبعا فقد تم الضغط عن طريق السفراء على دول وخاصة تلك التي توجد بها أغلبية مسلمة ، ولكنها في الحقيقة لم تخضع إلا السنغال والغابون والنيجر ولم تخضع لهذا الابتزاز رغم الرسائل والإيحاءات المتكررة لأخذ موقف ضد قطر ، ربما يرجع ذلك : :
-لسبب خروج بيان الاتحاد الإفريقي ، من رئيسه ألفا كوندي .
-وربّما أنها هذه الدول لا تريد أن تأخذ موقف من قطر ولا تريد خسارتها سياسيا ودبلوماسيا .
-وربما لسبب أنها لم تثبت لديها الاتهامات التي وجهت لها بدعم الإرهاب ودعم داعش .
علما أن غالبية الشعب الأفريقي مستيقنة أن السعودية أولى بإلصاق تهمة الإرهاب منها لقطر ، وذلك لسبب أن زعيم الإرهاب أسامة بن لادن سعودي وليس قطري ومعظم الذين قاموا بأحداث 11 سبتمبر سعوديون كما هو معروف . ولذا رأينا المئات من القمريين يخرجون الى الشوارع دعما لقطر لأنها تعرف الحقيقة التي وراء هذه الحملة فالشعوب لم تعد غبية بحيث لا تدرك حقائق الأحداث والانعطافات السياسيةوالدولية .
وموقف دولة الصومال خير دليل على استقلالية القرار الإفريقي ،والذي بسبب تم رفض وعد سعودي بتمويل مشروع بقيمة 80 مليون دولار في العاصمة ماديشو ، لكن الحكومة رفضت الخضوع لذلك ، وتم أيضا طرد طالب صومالي شارك في جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم بسبب موقف بلده من الأزمة ..
ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأفريقي في هذه الأزمة وما المطلوب منه فعليّا ؟
أعتقد أن الاتحاد الأفريقي يريد أن يلعب دورا في هذه الأزمة وربما تساعد بشكل مباشر وغير مباشر جهود الوساطة الدبلوماسية وهذا ربما واضح حيث توافد وفد سعودي لهذا الخصوص حسب علمي منذ أسبوعين ، وفي اعتقادي أن الرئيس : ألفا كوندي سيحاول وهو يحاول أن تكون الدبلوماسية هي الطريق السريع للحلّ ، وبالأخصّ أن تكون عبر الدول الإسلامية الكبرى مثل إندونيسيا وماليزيا وباكستان ونيجيريا وحتى السنغال لكي تساهم جميعها لحل هذه الأزمة وربما العائق الذي سيكون حجر عثرة هو أن السعودية والإمارات بالذات مصرة على إغلاق قناة الجزيرة وبدون ذلك لن يتم حل بالنسبة لها وهذه الدول الإسلامية تؤمن بحرية التعبير والحرية الإعلامية وتعرف الدور الرائد لقناة الجزيرة في نقل المعرفة والحرية للشعوب المسلمة واهتمامها المستمر لقضايا العالم الإسلامي ، فهذا سيكون من الصعب القبول لذلك وعرض ذلك على قطر لأن الجزيرة لو كانت في أي من هذه الدول لما قبلت أن تأتي دول أخرى تأمرها بغلقها .
وأخيرا :
نأمل أن تنتهجها هذه الأزمة في أسرع ما يمكن وأن لا يتم ابتزاز الأول الأفريقية بتفجيرات الحج التي تسربت للإعلام حيث إن ذلك سعيد سابقة خطيرة تجاه الدول الإسلامية والأفريقية وستكون لها نتائج كارثية على علاقات هذه الدول مع المملكة التي تشارك المملكة في تحالفات أخرى ، وخاصة أن التهديدات تجاه المملكة من كل مكان وإذا لم تحل هذه المشكلة فإن التعاطف الشعبي سيقلل معها في أزماتها المختلفة ؛ ولا ننسى أن كثيرا من الافارقة استشهدوا في أرض الحرمين مواسم الحج في حادثة الحرم وشهداء منى وقتل الآلاف والمئات من الأفارقة ولم تقم اي دولة إسلامية أو افريقية برفع دعوى قضائية ضد المملكة فينبغي مراعاة النظرة القدسية التي ترى الدول والشعوب الإسلامية للسعودية وألاّ تسقط في الحضيض مهما كان الخلاف كبيرا .
ونذكّر بالآية (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) سورة الحجرات .....
والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ...
فالحل بيد السعودية والسعودية وحدها ، وبيد الملك سلمان فقط حفظه الله تعالى .
حمدي جوارا
باريس فرنسا