فشلت السلطات المالية - حكام الاقاليم - في فرض حالة من الأمن العام والتعايش السلمي بين المكونات الاثنية في كبرى مدن الشمال ففرضت على السكان حظرا للتجوال مؤخرا...
أين الخلل؟
فعلى مدى عقود من الزمن تبنت مجموعات من الطوارق حركات التمرد المسلحة ضد الدولة من أجل تقسيمها فجابهتها الحكومات المتعاقبة بالقوة في أكثر من موقع ومارست في فترة ما من الصراع سياسة " لا سلم ولا حرب " فوجد السنغاي والفولان أنفسهم مرة اخرى في مأزق من حروب فرض السيطرة والتسلط الممنهج فتبنوا حركة الدفاع " القنداكوي " من أجل الدفاع عن أنفسهم وعن قراهم ضد تجاوزات اتباع الحركات المسلحة…
وبعد مفاوضات خجولة لسنوات عجاف وهدنة لم تستثمر بشكل جيد من جميع الأطراف عادت حروب الكر والفر وتخذت منعطفا حرجا عقب الانقلاب والانفلات العسكري عبر تحالف الحركة المتمردة " إمينلا " بقيادة بلال أغ شريف مع الحركة المتطرفة " أنصار الدين " بقيادة اياد أغ عالي بغية فرض السيطرة وعلى اثرها أسس الجناح الطارقي " الإيمغاد " الداعم للوحدة الترابية لدولة مالي حركة الدفاع الذاتي " غاتيا " بمباركة الجنرال المالي الهجي أغ امو للدفاع عن أنفسهم وقراهم ضد هجمات وعمليات التصفية التي كانت تطالهم على يد مسلحي الايفوغاس وحلفائهم من الحركات المتمردة والمتطرفة الناشطة في معظم الأقاليم الشمالية والوسط انطلاقا من مدينة كيدال معقل الحركات المتمردة...
ومع تفاقم الاضطربات في الاقاليم الشمالية عادت إلى الواجهة مرة أخرى حركة الدفاع القنداكوي عبر مطالبات أهلية في جو من التوتر القبلي من فوضى السلاح والهجمات المتكررة والبؤر الارهابية والاغتيالات المستمرة وكانت قد دخلت على خط الازمة الأمنية حركة ماسينا الفولانية المتمركزة في وسط البلاد والتي يتزعمها المدعو احمد كوفا بمزاعم المظلمة القبلية تارة وتارة اخرى بمزاعم بناء دولة الشريعة…
ومع بروز هذه الألوية المختلفة والحركات المسلحة فيما يقارب 75% من مساحة البلاد وحالة التوتر المتصاعدة من وقت لاخر في اكثر من بقعة تجعل من قضية الأمن والاستقرار اكثر تعقيدا - في ظل تنامي ظاهرة الولاء للمنطقة والقبيلة والعشيرة - رغم تظافر جهود بعض الوطنيين من علماء الدين واعيان القبائل بناء على وعي ديني واجتماعي مع ضعف في الموقف السياسي الذي يتأرجح مابين الرغبة في تحقيق الأمن والرغبة في ارضاء القيادة الفرنسية…
أن ما يحدث في دولة مالي المترامية الأطراف
حكاية طويلة وعريضة يجعل الكل يموج في بحر عميق لا نهاية له مع ان الكل مستشعر بأن هذه الحرب الهوجاء - حرب بالوكالة - لا رابح فيها غير انها تغذي الأحقاد البينية وتعرقل جهود المصالحة الوطنية وتقضي على مشروع التنمية المناطقية والمستفيد الأول والرابح الأكبر هي فرنسا الجاثمة على صدرالبلاد والعباد والتي وجدت في الازمة بين الحكومة المركزية والحركات المتمردة والحركات الارهابية فرصة سانحة لتمرير أجندتها التوسعية وإنشاء معسكرات لها ومراكز تدريب ميداني لجنودها في اكثر من منطقة في الأراضي المالية .
أبو فهمي درامي