الوساطة الأفريقية الجديدة التي دعت إليها اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي حول ليبيا وتستضيفها العاصمة برازافيل، ويرأس اللجنة الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، وهي مكونة من رؤساء خمس دول أفريقية )جنوب أفريقيا وإثيوبيا وموريتانيا والكونغو والنيجر( وأعلنت مصر حضورها، للخروج من الأزمة الليبية، ودعت إليها رسمياً المشيرحفتر والسراج ورئيس مجلس الدولة المقترح ورئيس البرلمان الليبي، الذي صرح بـ»أن مجلس النواب شكل لجنة للحوار من أجل تعديل الاتفاق السياسي مع الأطراف الليبية الأخرى، بحيث يكون المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين وإلغاء المادة الثامنة المتعلقة بالمراكز العسكرية والأمنية«.
الوساطة الأفريقية الأولى بين الفرقاء الليبيين كانت عندما جاء الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما وعدد من الرؤساء الأفارقة في وساطة إلى ليبيا أثناء أحداث فبراير )شباط( 2011.
بعد أن قرر الاتحاد الأفريقي تشكيل لجنة للوساطة في أزمة ليبيا، تتكون من 5 رؤساء هم رؤساء مالي السابق، أمادو توماني توري وجنوب أفريقيا جاكوب زوما وموريتانيا محمد ولد عبد العزيز والكونغو دنيس ساسو نغيسو وأوغندا يويري موسيفيني، ولكن فور وصولهم إلى بنغازي واجهتهم مظاهرات تعبوية بالرفض، حاولت منع موكب الرؤساء من الخروج من المطار بنينة، ورغم وصول الوفد وجلوسه إلى طاولة المجلس الانتقالي لحراك فبراير فإنه قوبل بالرفض والتعنت والشروط التعجيزية، رغم أن المبادرة في حينها تضمنت وقفا فوريا للحرب، وبدء محادثات تشارك فيها جميع الأطياف الليبية المختلفة، بما في ذلك المعارضة، بهدف إنشاء»فترة انتقالية شاملة« لاعتماد وتنفيذ» الإصلاحات السياسية الضرورية المتسببة في الأزمة، لكن مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي حينها رد بالقول إن المبادرة لا تتضمن ما يلبي مطلبهم الرئيسي،وهو إنهاء حكم الزعيم الليبي المستمر منذ أكثر من أربعة عقود و)رحيل القذافي وأبنائه عن المشهد الليبي( مما تسببفي عودة الوفد خائباً حتى من دون خفي حنين، رفض سابق دفع الليبيون بعده ثمناً باهظاً من حروب متعددة الأسباب يجمعها شريك واحد هو المزيدمن القتلى الليبيين بشعارات مختلفة، طوال 7 سنوات عجاف لم ينل منها المواطن سوى القتل والاغتيال والفزع والرعب والتهجير والنزوح، ومافيا أثرياء الحروب وغسل الأموال، وارتفاع ثمن رغيف الخبز، بل وحتى العجز عن شرائه.
الاتحاد الأفريقي ينتمي إلى رباعية مختصة بليبيا، تضم الاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، وهيئة الأمم المتحدة، وتكرار الرفض مرة أخرى للوساطة الأفريقية يعتبر خطيئة جديدة، وفرصة مهمة لإيجاد حل من المحيط، فالمساعدة على الحل من محيط أفريقي لم يشارك في دعم الميليشيات لا في السابق ولا الحاضر، ولم يسعَ إلى احتضان أي جماعة متطرفة باستثناء الاتهامات التي تواجه السودان بدعم جماعة الإخوان، ولكنه ليس طرفا ولا عضواً في الرباعية الأفريقية.
الاتحاد الأفريقي اعتزل التدخل في الأزمة الليبية بعد رفض وساطته في فبراير )شباط( 2011، فالاتحاد الأفريقي لم يكن جزءاً من الأزمة، وبالتالي يمكن له أن يكون جزءاً من الحل، وليس مثل بعض المؤسسات العربية التي طلبت ووافقت على التدخل العسكري في ليبيا 2011.
صحيح أن أفريقيا مثقلة بمشكلاتها ونزاعاتها، ولكن تبقى ليبيا جزءا أصيلا من أفريقيا وبوابة شمالية لها ومؤسسا ًفعالا في الاتحاد، ولعلها تكون أفضلمن عصابة تقاطع المصالح والتصارع على ليبيا كبئر بترول أو ككعكة، وليس كوطن ومواطن تحت معاناة.
د. جبريل العبيدي