أعلن الأطراف الأربعة الرئيسيون في النزاع الليبي، الثلاثاء، التزامهم العمل معا لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بحسب إعلان صدر في نهاية اجتماع دولي في باريس استضافه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي اعتبر اللقاء «خطوة رئيسية نحو المصالحة».
واتفق الأطراف الأربعة، الذين يمثلون معظم ولكن ليس كل الفصائل الليبية، على «قبول نتائج الانتخابات والتأكد من توفر الموارد المالية اللازمة والترتيبات الأمنية الصارمة».
وجاء «الإعلان السياسي في شأن ليبيا»، الذي تضمن الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بعد 4 ساعات من المباحثات في باريس، حيث تعرض القادة الليبيون لضغوط للموافقة على خريطة طريق سياسية يمكن أن تنهي 7 سنوات من النزاع الدامي.
وتضمن الإعلان، أن «القادة الليبيين يلتزمون العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة لتنظيم انتخابات سليمة وذات مصداقية»، وحدد «إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018».
ويرى قادة أوروبا في استقرار ليبيا خطوة رئيسية لمواجهة التهديدات التكفيرية والهجرة بعد أن تحولت ليبيا إلى نقطة انطلاق لمئات الآلاف من الأفارقة الذين يسعون للوصول إلى أوروبا.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، لوكالة «فرانس برس»، «أنا متفائل»، وذلك بعد انتهاء المباحثات التي وصفها بأنها «تاريخية» لأنها جمعت بين الأطراف الليبية الرئيسية بالإضافة إلى دول المنطقة لأول مرة.
وافق على الإعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية فايز السراج، ومنافسه الرجل القوي في شرق البلاد المشير خليفة حفتر، ورئيس برلمان طبرق (شرق) عقيلة صالح عيسى، ورئيس مجلس الدولة ومقره طرابلس خالد المشري.
واتفق الفرقاء الليبيون على «الالتزام بتحسين الظروف العامة من أجل تنظيم الانتخابات الوطنية بشتى الوسائل الممكنة بما في ذلك نقل مقر مجلس النواب (من طبرق إلى بنغازي)، وفق ما ورد في الإعلان الدستوري وإلغاء الحكومة والمؤسسات الموازية تدريجيا وحث مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على السعي فورا إلى توحيد البنك المركزي الليبي والمؤسسات الأخرى».
وفي بداية الاجتماع، قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي للقادة الليبيين، «ليس هناك حل إلا من خلالكم».
وتابع، «إذا ساءت الأمور، فإنها ستكون مسؤوليتكم»، وقال الرئيس الفرنسي، إن الاتفاق يمثل «خطوة رئيسية نحو المصالحة» في البلد الغارق في الفوضى منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011.
ووصف اللقاء، الذي عقد في الإليزيه صباحا، بأنه «لقاء تاريخي تواكبه الأسرة الدولية بمجملها»، «أحسنتم!»، ورغم الجهود التي تقودها فرنسا للتوصل لتسوية سياسية، يشكك عدة محللين ودبلوماسيين في حدوث تغير حقيقي على الأرض وفي قدرة البلد الذي ينتشر فيه السلاح وتسيطر عليه تيارات سياسية متناحرة وفصائل مسلحة، على إجراء انتخابات.
وقالت المحللة في معهد بروكينجز في واشنطن فريدريكا ساياني فاسانوتي لـ«فرانس برس»، «أعتقد أن إجراء انتخابات في بلد ينتشر فيه السلاح مثل ليبيا ينطوي علي مخاطرة كبيرة».
وسبق وأعلنت عدة دول من بينها إيطاليا، أن ليبيا بحاجة إلى الاتفاق على دستور جديد قبل إجراء انتخابات، وفشلت جهود الوساطة التي قامت بها الأمم المتحدة وإيطاليا عبر السنوات الماضية في تحقيق الاستقرار، ولم تفض اتفاقات سلام سابقة إلى أي تغيير حقيقي.
وقال دبلوماسي، طلب عدم ذكر اسمه، «سارت الأمور على ما يرام، وما بعد ذلك، يعتمد على تنفيذ» الاتفاق.
ولم يوقع القادة الأربعة على الإعلان، لكنهم أعطوا موافقتهم على صدروه بشكل رسمي، وفي أثناء الاستعداد لالتقاط صورة جماعية، طلب الرئيس الفرنسي الشاب من ضيوفه إعلان التزامهم شفهيا بالاتفاق ففعلوا.
وقال ماكرون، «إذا نحن نعمل على هذه الأرضية المشتركة، أحسنتم!»، وقاطعت الأطراف السياسيون والعسكريون الرئيسيون في مدينة مصراتة التي تعتبر فصائلها المسلحة من الأقوى في غرب ليبيا، ويعتبر سياسيوها من الأكثر نفوذا، اجتماع باريس بعدما طالبوا بمعاملتهم على قدم المساواة مع الوفود الأربعة الأخرى، وفق ما أفادت مصادر سياسية ليبية.
وقال القيادي العسكري البارز في ميلشيا مصراتة إبراهيم بن رجب لـ«فرانس برس»، «هناك بعض النقاط الإيجابية في هذا الاتفاق الذي لا يعني أي شيء بالنهاية لأنه لم يتم التوقيع عليه».
تنافس إقليمي
حضر ممثلون من 20 دولة من بينها مصر والإمارات العربية وقطر والكويت والسعودية وتركيا، بالإضافة إلى تونس والجزائر فعاليات الاجتماع، وتعقد التوصل لحل سياسي يعيد الاستقرار لليبيا مع تشابك مصالح دول الشرق الأوسط الداعمة لأطراف متعارضة أحياناً، بالإضافة للتنافس بين القوى الأوروبية.
أ ف ب