في ظل ما يعيشه الشعب في مالي بشكل عام وشمالها على وجه الخصوص من أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية، باعتباره الشعب الوحيد الذي يعيش أزمة وانقساما في ذات الوقت فبات كمن وقع بين فكي وحش كاسر، وما زاد الأمر تفاقما والطين بلة نشوب صراع داخلي مستمر بين أبرز المكونات السياسية أو القبلية في البيت الداخلي ألا وهي قبائل الفلان والبمبارا وكذلك الطوارق والعرب.
وما بين تناقض الآراء والقلق الناشب عن هذا الصراع، تتجه الأنظار نحو مؤتمر المصالحة الوطنية والمقرر عقده في نهاية منتصف شهر مارس الجاري، والذي يغني به الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا وأعوانه بتداعيات في دوره في حل الصراع الداخلي في الحركات (القبائل) والآمال المناطة به في استمرار مسلسل اتفاقية الجزائر التي بات الصراع على السلطة داخلها خطرا على شرعيتها.
فإنه لا بد من التطرق إلى قضية الصراع الداخلي على السلطة بمدن الشمال و أسبابه، فلا يخفى على أحد أن الحركات المسلحة في الشمال المالي تعيش احد أسوأ خلافاتها منذ انطلاقتها داخل قطبين بارزين فيها، ألا وهما منسقية الحركات الأزوادية ’’سيما’’ التي كانت تحمل الأفكار التحررية والتي وصفت أكثر من مرة بـ"الشعار المزيفة" وحركات تجمع بلاتفورم المكونة من مجموعة حركات مسلحة لا تقل أهمية عن الأولى أبدت استعدادها للحفاظ على وحدة الأراضي المالية وتمسكها بتنمية مناطق الشمال دون إقصاء منطقة عن أخرى، في ظل ادعاء البعض أن ظهور الخلافات داخل هذه التنظيمات يعني أنها تتعامل بشفافية وديمقراطية من بينها لتكون همزة وصل أشخاص معينين للسلطة واستبعاد شخصيات أخرى ما سبب صراعا واضحا في طريق الوصول إلى السلطة سواء كان عن طريق الحركات أو الحكومة التي اتضح أن خيارها إعطاء ما لديها من سلطة في مدن الشمال لنفس الأشخاص الذين يحاولون استبعاد غيرهم دون العنصر الذي كان ولا يزال يعبر عن وفائه لها وغائبا في الصراع السلطوي الحاصل.
وإذا بحثنا عن الأسباب نجد أن عدم وجود انسجام فكري داخل الحركات التي تضم مشارب فكرية وسياسية قبلية هو احد ابرز أسباب الصراع ويظهر ذلك جليا في رفض بعض القبائل لاتفاق تنصيب السلطات المحلية المؤقتة، إضافة إلى ذلك ما تشهده عملية السلام من جمود وفشل في المساعي الذي أجج الخلافات وأوجد قلقا في رئاسة السلطة بسبب اختيار شخص من قبيلة فلان وظل يطمح نحو التفرد في السلطة دون قبيلة علان نتج عن ذلك توترا حادا تجاه الاتفاق وصار شبحا يهدد بقائها، ما ينذر بأن المرحلة القادمة ستأتي بمزيد من الانقسامات داخل هذه الحركات المتصارعة عن السلطة، ولما لا الحكومة نفسها التي توالت الأزمات فيها وتنامت الخلافات بين نظام الرئيس كيتا وبين المعارضة، حتى خرجت عن طاولات الحوار إلى الشوارع والميادين بتظاهرات مستمرة واحتجاجات متتالية؟
هل هذه الخلافات سياسية أم قبلية ؟ ويبقى السؤال يا ترى هذه الخلافات التي يدفع ثمنها المواطن البسيط سياسية أم قبلية؟
حسين أغ عيسى/صحفي وناشط سياسي