الغد أول صحيفة عربية مالية
نهاية مهمة رئيس الوزراء في مالي المونسما تغلق أخر معسكراتها وتغادر مالي مالي: مساع دبلوماسي

عندما ندعي التغيير ونحن نرقص على الدماء!

بواسطة kibaru

هل ما يجري في مالي حقيقة ستغير الواقع أم هو من وحي استمرار الفوضى التي بدأت في عام 2012  بغزو مالي وتدميرها فيما بعد ومحاولة مسحها في الخريطة الإفريقية وإبادة وتشريد شعبها العظيم بخلافات لاهوتية قبل أن تكون سياسية لاناقة لهم فيها ولا جمل؟
هنا يمكن القول بأن الحكومة المالية اليوم وحركاتها المسلحة يرقصون على دماء الأبرياء نراهم في الحفلات يرقصون ويتمايلون من جهة لأخرى ويتنازعوا ويتصالحوا في آن واحد،  ففي المؤتمر الوفاق الوطني الذي احتضنته العاصمة باماكو في فترة مابين 27 مارس و 2 ابريل، شهدنا الجميع يتواجد في علبة واحدة مليئة بالمجاملات يدعون المصالحة والوطنية والدم يسيل تحت أقدامهم، والكراهية والنفاق يملآن قلوبهم، كم من جندي مات والمجتمعون في فنادقهم وكم من شخص تضرر والمؤتمرون يتحدثون عن السلام؟
 
ولن أتحدث كثيرا عن حفلات زفاف 6 أبريل لأنني سأكتفي بالقول إنها من نتائج المصالحة المزعومة ومجاملاتها وإعطائها ضخما كهذا يعني "بروباقاندا" جديد للحصول على المزيد. 
 
لنرجع إلى الوراء قليلا، ألا ترى معي أن جنة مهد إسقاط نظام أمادو توماني توري هو ماسبب إثارة الفتنة بين الشعوب والمناطق في مالي، ومن هنا علينا أن نشاهد بالعين المجردة من أسقط هذا الحكم، من يقف وراءه وكيف يمكن أن يكون ما حصل خدمة للوطن وهو تدميره بعين ذاته... أيعقل أن يكون جندي برتبة نقيب العقل المدبر لانقلاب عسكري بحت فوق جنرالات ووزارء؟
أنا أقول طبعا  "لا" فالمسكين سنغو مجرد ضحية وخير دليل على ذلك أنه الآن مسجون ومن شاركه صناعة الفوضى لايزال يرقص على أنغام الدماء والسلطة.
 
مع ثورة الاتصالات السريعة وقدرة الشعوب على التناغم مع معطياتها وأثارها بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة من السهل أن يصبح كل شيء مكشوف للجميع من حيث الشكل  ففي مالي إستطاع أغلبية الشعب في الاتجاهين الجنوب والشمال فهم اللعبة السياسية القذرة التي تلعبها بعض الدول بمساعدة أغلبية القادة سواء كانوا من السلطة أو من التمرد فمن هنا نلاحظ أن الإثنان يعملون نفس العمل وفي قطار واحد متجه إلى ملء البطون وتحت رعاية سيد واحد وهي الجدة فرنسا.
 
 لكن هؤلاء الشعوب لم يستطيعوا قراءة القرن الواحد والعشرين حيث بدأت هذه الأزمة تشتعل منذ وصول أشخاص من ليبيا مرسولين من قبل الجدة ذاتها ليتسنى لها السيطرة على الوضع في ليبيا، أوهمتهم بحرية زائفة وخدعتهم بديمقراطية خداعة في نفس الوقت وعدت السلطات المالية بوعود كاذبة إلى أن نشرت قواتها في الشمال والتي اعتقد ويعتقد غيري أنها لم تنشر عبثا" أو غبأ" هدفها الهاء شعوب المنطقة ببعضها البعض واستنزاف طاقتها أكثر مما هو حاصل  لرسم معالم هذا القرن كما تشتهي وترغب حتى يسهل عليها سرقة الخيرات في الشمال المالي أو في إفريقيا أجمع من خلال هذا الطريق. لايخفى على أحد أنها باستخدام هذه الإستراتيجية تكاد أن تشرع تدخلها في النيجر وبوركينا فاسو إن لم تكن فعلت!
 
أنا شخصيا استغربت يوما من الأيام في جولة شمال شرق مدينة تمبكتو بوحدات من عملية "برخان" الفرنسية برفقة جرارات وأجهزة كبيرة للحفر تقوم بتقليب مكان دائما ما يقول السكان المحليين يوجد فيه الذهب أو الحجرة المعروفة بالكريمة الغالية الثمن، والغريب في الأمر أن هؤلاء لا يقبلوا أن يقربهم أحد ولكنني تقربت منهم بعد محاولات ومحاولات وسألتهم وأنا بعيد منهم بصوت كبير، على ماذا تبحثون فردوا علي باستهزاء بعد تكراري للسؤال ما شأنك! فضحكت وفكرة في استفزازهم وقلت لهم أعرف مايشغلكم  "أنتم تبحثون عن الذهب بطريقة غير قانونية" وتحدثوا بفرنسية لا أفهمها مع أنني أتحدث الفرنسية، بعد ذلك تحدث رجل طويل القامة جميل الجسم قبيح الوجه أظنه هو القائد قائلا: "ابعدوه من هنا". وابتعدت بنفسي طبعا قبل أن يصلوني ولا أخفي عنكم  أنني خفت أن يؤذوني. 
 
من هنا استغربت مرة أخرى أنا صاحب الأرض أم هم انا المواطن أم هم هل أنا على خطأ وهم على صواب؟ 
مع ذلك قلت في نفسي أنا المخطئ لأنني أعيش في بلد المواطن فيه هو الغريب والغريب هو صاحب قرار، وفي بلد تكون الثورة من أجل مصالح شخصية ويكون هدف السلطة فيه انتهازية الثورة لكسب مكاسب مادية أو شخصية أيضا.
 
والسؤال الصعب هو.... هل ما يجري من ثورات ومطالبة التغييرات في الوطن لمصلحة الأمة وهل ستؤدي هذه الثورات لانتاج حكومة مالية موحدة ديمقراطية تتشكل به دولة العدل التي يحلم بها كل مواطن؟
 
 وقبل الإجابة على السؤال تأكد بأن مايجري في كامل ربوع مالي حاليا لن يلمس أي تغيير فنرى أن الحكومة وقعت على اتفاق الجزائر كما الحركات المسلحة ولكن لا نرى سوى خذلان الشعوب الفقيرة والجائعة والتي لم يرقب أحد بها، فالحكومة تتماطل في هذا الاتفاق كل أسبوع يعقد مجلس الوزراء بدون أي جديد، على الرغم من أن بإمكانها تعيين كل أسبوع واحدا من هؤلاء المتعطشين إلى المناصب حتى ينقص عددهم حينئذ يمكن سكوت بعضهم كما فعل من سبق منهم إلى المناصب.
 
حسين أغ عيسى/ صحفي وناشط سياسي