في ضوء الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية وحلفائها على قطر، وفي ضوء الأبعاد والدلالات التي بدأت تتضح معالمها مع إستمراره من دون رؤية بصيص أمل في إمكان تحطيم الموقف القطري، بالقوائم الممنوعة أوالتحالفات الجديدة،وفي ضوء ذلك كله،ونتيجة للإنعكاسات الدولية والإقليمية التي أحدثها،بدأت القوى المحاصرة محاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه لإخراج نفسها من ورطته اللا تبريرية،وتخوفا من الإنعكاسات التي تتغير بالإصطفاف بعض القوى الإقليمية نحو قطر.
لو كان الإعلان عن قطع العلاقات مع قطر ،إنما كان الدافع إليه بالأول هو تحالفها مع طهران لكان المسبب للأزمة الخليجية الأن قد زال،ليبقى الجانب المستغرب الذي خرجت به السعودية مؤخرا حول دعوتها لوساطة عراقية تزيح مابينهما من خلافات.
يقول مورغنثاو : "إن الدولتين المتنافستين مع بعضهما تجدان أن أمامهما ثلاث خيارات لتدعيم وتطوير مراكز قوتهما، فبإمكانهما أن تزيدا من قوتهما وبإمكانهما أن تضيفا إلى قوتهما قوى دول أخرى، وبإمكانهما أيضا أن تسحب كل منهما من قوة الخصم قوى الدول الأخرى فإذا إختارتا السبيل الأول فإن عليهما أن تدخلا في سباق للتسلح،أما إذا إختارتا السبيل الثانية أوالثالثة فإنهما اختارتا سبيل الأحلاف".
إستجابة لدعوة سرية واجهها الديوان الملكي السعودي،زار مقتدى الصدر الرياض وهي المرة الأولى منذ 11 عاما، غرض الزيارة لم يكن معلن ، فالصدر الذي شرع في الأونة الأخيرفي إنتقاد التدخلات الإيرانية بالعراق والدعوة إلى الوقوف أمام التغلغل الإيراني فيه، كما طالب منذ مدة حكومة طهران بفتح حوار معتدل ومتسالم مع الأطراف العربية، يعتبر المراقبين لهذه الزيارة أنها تدخل ضمن مسعى توسيع النفوذ السعودي لإدارة النزاع بالمنطقة تتعامل مع الدور الإيراني على أنه العدو الذي يسعى للسيطرة على العالم الإسلامي_في وصف سابق لولي العهد السعودي_وبهذا تتلخص هذه النظرية في أن الإستراتيجية والسياسة السعودية ستحدد مستقبلا بناء على الحدود الإيرانية، فالصراع الذي سيندلع سيصنف المحور الإيراني بالخطر الذي يجب مواجهته ليس بالحوار وإنما بالصدام.
وفي مطلق الأحوال ، فإن زيادة رقعة اللعبة الدولية بين الكبار المتصارعين على النفوذ في العالم، تجعلنا نعير الكثير من الإهتمام لهذه الزيارة وللتصريحات الأخيرة الراغبة في وساطة عراقية لحل الخلاق بين الدولتين،فمن ناحية الموقف المتباين للسعودية في التنافس من أجل إستقطاب الشيعة لتحالفها،وبين نفيها الشديد ورفضها لأي وساطة لحل خلافها مع طهران،ماهو إلا ورقة في السياسة الأمريكية لممارسة الضغوط على الجانب الإيراني ،تبلورها الوحدات السياسية المشكلة للمصالح المشتركة بعد قمة ترامب الرياض،إنطلاقا من توافق الإرادات والمصالح الذاتية المشتركة ضد الحلف الذي تقوده إيران بالمنطقة.
والحديث عن دور في العراق يشير إلى نجاح عملية التحول في إنشقاق الحلف الإيراني،ورغم ذلك فإن الإفراط في التوسع المطلق للمملكة العربية السعودية،استرضاءا لواشنطن إنما هو بالأساس مغامرة غير محسوبة .
فالتحولات السياسية باليمن وسوريا ولبنان لصالح إيران،باتت تفرض على الرياض مزيدا من الرجوع والإستناد إلى الحليف الأمريكي وتحولها إلى ذراع السياسة الخارجية الأمريكية لتنفيذ مصالحها بالشرق الأوسط.
لذلك بعد حصار قطر يحاول هذا الحلف أن يصبح منحى سياسي وعسكري مهم، وقوة لازمة محددة لطبيعة توازنات القوى العالمية،وحصر هذه الحرب في تحقيق التوازن مع الإيرانيين من أجل قطع الطريق عليهم للوصول إلى الدوحة،وهذا ماتفسره أجندة حلف السعودية الجديدة فيما يتعلق بمحاولات توسعه إلى مناطق النفوذ الإيراني.
ومنه قد تختلف السيناريوهات المحتملة بالشرق الأوسط،لأن البيئة الدولية قائمة على تحالقات وتعدد للقوى غير مسبوقو،من هذا المنطلق كان تأسيس حلف السعودية والذي يمثل العداء لإيران جوهره والخوف من توسعها منطلقه وتنوع مصادر قوتها بالقضاياالشرق أوسطية، أداتهم في حصارهم على قطر، وتحت الهيمنة الأمريكية التي تريده "حصان طروادة"لها في المنطقة ، وبالتالي مشروع لعرقلة النفوذ الإيراني لاغير.
دولت بيروكي/ كاتبة إعلامية