الغد أول صحيفة عربية مالية

موريتانيا وجذورها في جمع الأفارقة والعرب معا

بواسطة kibaru

في اعتقادي إن قمة “إفريقيا-العالم العربي” الرابعة من نوعها والتي تنعقد بمالابو عاصمة غينيا الاستوائية تحت شعار “التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي” قد لا تشكل مرحلة متقدمة على نظيراتها المنعقدات بالقاهرة (1977)، وسرت (2010)، وقمة الكويت (2013 ) فالأولويات الثمانية لا تزال طورا من اطوار الاحلام بما في ذلك:

-الترتيبات السياسية الخاصة بمحاربة الارهاب.
-تمويل التنمية الزراعية والأمن الغذائي.
-انشاء صندوق مشترك للتدخل في حالات الكوارث وظاهرة الهجرة. .. وغيرها.

ومع تأكيدات كل من رئيسة المفوضية الأفريقية نكوسازانا دلاميني زوما والأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط على ان النقاش الدائر حاليا بملابو سيتركز على أوجه التعاون بين الطرفين في مجالات ذات صلة كالزراعة والطاقة المتجددة والمصادر البديلة للطاقة، وعلى ضخ استثمارات عربية وخليجية بالذات داخل الدول الافريقية جنوب الصحراء كما يرغب قادة الدول الإفريقية.

ثمة اعتقاد سائد لدى جل الكتاب والمتابعين الأفارقة يتضمن تشكيكا قويا بقدرة العرب على تصدر شركاء القارة الاقتصاديين أو حتى لعب دور اقتصادي من شأنه منافسة الاتحاد الاوروبي (الممول الرئيسي للاتحاد الافريق)، أو الصين التي غدت “بنكا” لتنمية أفريقيا، كما لا يمكن لمجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن وبعض الدول العربية الأخرى بما في ذلك مصر والمغرب والجزائر متافسة فاعلين اقتصاديين آخرين داخل القارة الافريقية بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا واسرائيل والهند.

من جهة أخرى؛ أنا متأكد ان قمة مالابو التي سيفتتحها الرئيس الغيني اتيودورو أوبيانغا أنغيما الى جانب أغلب الرؤساء الأفارقة وبعض من قادة الدول العربية ستنفض دون ان تضيف مردودا اقتصاديا في اطار الشراكة والتعاون بين الإثنين، أعيد استنتاجي هذا الى أن هذه القمة ستحاصر بالعديد من التساؤلات والملابسات والظروف غير الخفية على أحد فالجزائر والمغرب نقلتا معركتهما بشأن الصحراء الغربية الى المجلس التحضيري للقمة خاصة وان الرياط تود إيصال رسالتها الأولى معضدة موقفها بدعم ومساندة دول الخليج العربي بهدف استبعاد الوفد الصحراوي وبالتي التأكيد من خلال القمة على مغربية الصحراء ينضاف الى ذلك انعدام الاستقرار السياسي في جل الدول العربية والافريقية بفعل الإرهاب والذي يعيده كثر من الدارسين الأفارقة الى عامل المنشأ ذي العلاقة ب”الاسلام العربي” وليس “الاسلام الأسود” على حد تعبير الباحث السنعالي بكاري صمبا الذي يعتقد ان الوصف الاخير للاسلام ينطبق على الخصائص الافريقية والتي ألف مؤمنوها التسامح والتصوف الديني، يمكن ان يضاف الى هذه العوامل صعوبات قيام شراكات حقيقية نتيجة وقوع منازعات بين دول مؤثرة في الاتحاد الافريقي والجامعة العربية كما هو الحال مع مشكلة سد النهضة بين أثيوبيا ومصر والذي قسم مواقف دول حوض النيل بين الدولتين.

ثم ان جدوائية قمة مالابو تظل محل تشكيك أوسع فالذاكرة وعلى نطاق واسع تظل مليئة بالبثور والصور النمطية السلبية والتي يتزايد تبنيها من قبل كل طرف ازاء الطرف الآخر.

ومهما يكن فانه بإمكان موريتانيا اذا ما تداركت بعضا من سياساتها الخارجية ان تشكل رافدا قويا للتعاون والشراكة بين الجانبين فموقعها كهمزة وصل بين أفريقيا جنوب الصحراء والعالم العربي، وهي ايضا بمثابة حلقة وصل ثقافي وروحي بين أثنيات وشعوب القارة الأصيلة بمكانتها وجذورها شأنها في ذلك شأن قبائل الفلان المتواجدة في موريتانيا والممتدة من شرق القارة حتى غربها وكذلك قبائل الصونغاي الاقليمية والتي من ضمن مكوناتها قومية السوننكي المتواجدة بالجنوب الموريتاني وفي الحلقة الأخرى من وصالنا تتواجد القبائل العربية ذات الاصول اليمنية والحجازية والمجموعات ذات الاصول الامازيغية المنتشرة عبر المجال الموريتاني والتي تمتد جذورها الى شمال القارة.

إن المكونات الموريتانية لاتخلوا كذلك من الاجناس الخلاسية والمختلطة مما يؤهل قيادتها وحكوماتها للعب دور سياسي جاذب للخير العميم على كامل أقطار القارة الإفريقية، ثم ان الديبلوماسية الشعبية الموازية لن تكون مصدرا سلبيا حينما توضع إستراتيجية لاستثمار مكانتها الجغرافية وتنوعها البشري والاثني ضمن سياسات بديلة للتي يجري السير عليها منذ قرابة 56 عاما دون أن تثمر عن نتيجة أو تقدم اضافة لغيرنا.

موريتانيا أرض الأعراق والثقافات والجذور، ومن المفيد لها استثمار ذلك جيدا على صعد سياسية واقتصادية وسوسيو-ثقافية.

 

عبيد ولد إميجن- أفريكا عربي