عبد الباسط غبارة
تستضيف العاصمة التونسية،منذ الأحد 15 أكتوبر 2017،مباحثات الجولة الثانية بين أطراف الأزمة تهدف إلى إجراء تعديلات على الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية عام 2015.وبرغم التفاؤل الذى رافق إجتماعات تونس فإن تواصل الخلافات بين الفرقاء مازال يلقي بظلاله على المشهد الليبي في هذه المرحلة التي تجتازها ليبيا باتجاه تطبيق خارطة الطريق الأممية.
إلى ذلك،قالت مصادر "بوابة افريقيا الاخبارية" في تونس إن أعضاء لجنة الحوار عن مجلس النواب انسحبوا من مكان جلسات لجنة الصياغة المشتركة،الاثنين 16 أكتوبر 2017،ودخلوا في اجتماع مغلق بمكان اقامتهم.وقال النائب الصالحين عبد النبي إن عدم وضوح موقف وفد المجلس الاعلى للدولة من الجيش وقيادته التي تحارب الإرهاب نيابة عن العالم،أسباب من بين أخرى دفعت وفد مجلس النواب الى الانسحاب من اجتماع اليوم في تونس.وفق تصريحه لبوابة أفريقيا الإخبارية.وأضاف عضو مجلس النواب أنهم كل ماحاولوا مع الطرف الآخر الحديث عن الجيش تهرب وطالب بتأجيل الموضوع.
ومع تواصل الجهود التي يقودها المبعوث الأممي غسان سلامة لتعديل اتفاق الصخيرات، وذلك بالتزامن مع انطلاق الجولة الثانية من الحوار الليبي في تونس،يرى مراقبون أن نجاح هذا الحوار يرتبط بتفاهم الفرقاء حول المادة الثامنة.وهو ما ذهبت إليه صحيفة "الشرق الأوسط"، في تقرير لها،الإثنين 16 أكتوبر 2017،مؤكدة إن نجاح الحوار الليبي مرهون بمصير "المادة 8" من الإتفاق، مشيرة إلى أن واحدًا من أبرز أهداف الجولة الثانية للحوار الليبي هي التوصل إلى توافق بشأن صلاحيات القيادة العامة للقوات المسلحة من أجل تمهيد الأرضية السياسية المناسبة لسن دستور جديد العام المقبل.
.ويرى مراقبون صعوبة الخروج بقرارات حاسمة ونهائية تتعلق بصياغات أو توافقات نهائية لتعديل الاتفاق السياسي، وإنهاء حالة انسداد الأفق السياسي للمشهد الليبي حاليا.ويرتبط مصير خارطة الطريق التي يقترحها غسان سلامة،بحسب المتابعين للشأن الليبي، لتجاوز الجمود الحالي بتحقيق التوافق حول المادة الثامنة، حيث يشتد النقاش والجدل القانوني والسياسي حول حذفها أو تعديلها.
يذكر أن المادة رقم (8) الواردة في الأحكام الإضافية في الاتفاق السياسي تنص على أن: "تنتقل جميع صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنية العليا المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الليبية النافذة إلى مجلس رئاسة الوزراء فور توقيع هذا الاتفاق، ويتعين قيام المجلس باتخاذ قرار بشأن شاغلي هذه المناصب خلال مدة لا تتجاوز 20 يوما، وفي حال عدم اتخاذ قرار خلال هذه المدة، يقوم المجلس باتخاذ قرارات بتعيينات جديدة خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما، مع مراعاة التشريعات الليبية النافذة".
وكان البرلمان الليبي قد صوت،الأسبوع الماضي، على تعديل المادة، بحيث يتم منح الصلاحيات العسكرية للمجلس الرئاسي، لكنه اشترط إصدار أي قرار يختص بالقيادات العسكرية بإجماع كل أعضاء الرئاسي ثم إقراره من البرلمان.وقال الناطق الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق،في تصريح نُشر على الموقع الرسمي لمجلس النواب، إنه تم تعديل نص المادة الثامنة من الاتفاق السياسي بحيث تنص على أن القرارات الخاصة بالمناصب العليا العسكرية والأمنية تتخذ فيها القرارات بإجماع المجلس وبعد مصادقة مجلس النواب على هذه القرارات.
ولكن الجيش الليبي أعلن على لسان الناطق باسم الجيش الليبي، العميد أحمد المسماري،تحفظ القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية على المادة الثامنة كونها تستهدف صراحةً الجيش الوطني ورموزه وقياداته.وأضاف المسماري،في حوار مع صحيفة الوطن السعودية،أن القيادة العامة تتحفظ على المادة الثامنة من الاتفاق السياسي الذي أبرم في مدينة الصخيرات المغربية، باعتبارها تساوي بين المليشيات الإجرامية والإرهابية والقوات المسلحة الليبية المتمثل في القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية.موضحا أنها "تسمح للمجلس الرئاسي بإنشاء قوة موازية للجيش الوطني، مثل ما يسمى بالحرس الرئاسي، وهذا هو ما يريده جماعة الإخوان وحلفائهم من الجماعة الليبية المقاتلة “ذراع تنظيم القاعدة الإرهابية في ليبيا".
وفي سياق متصل،نقلت وكالة الأنباء الإيطالية "آكي" عن مصدر مقرب من القائد العام للجيش الليبي أن المشير خليفة حفتر شدد خلال لقائه،الخميس 05 أكتوبر 2017، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غسان سلامة على "إلغاء المادة الثامنة وبنود آخري هدفها إبعاد الجيش الليبي وقيادته من المشهد"، كالتي تتحدث عن إلغاء كل قرارات مجلس النواب، ومن ضمنها تكليف حفتر بـ"منصب القائد العام للقوات المسلحة".وأشار المصدر ،وفق الوكالة إلى أن حفتر طالب المبعوث الأممي بـ"ضرورة إيجاد حل حقيقي ينهي الأزمة الحالية قبل 17 من ديسمبر المقبل لانتهاء عمر الاتفاق السياسي ومخرجاته في هذا الموعد".
وكان قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر،شكّك في إمكانية نجاح الحوار السياسي الراهن، ملوحاً بوجود بدائل أخرى للتوصل إلى حل للأزمة الراهنة. وقال في كلمة له أمام المؤتمر الأمني الأول، الذي عقد بنغازي، إنه "في حال فشل الحوار لإيجاد حل سياسي سيكون الباب مفتوح على مصرعيه للشعب لتحديد مصيره وستكون القوات المسلحة رهن إشارة الشعب ولن نسمح لقوى الإرهاب التي تحاول شق الصف الليبي للنيل من استقرارنا".
واعتبر المشير أن انتشار السلاح والميليشيات المسلحة خارج سلطة الدولة خطر يهدد الحل السياسي للأزمة في البلاد، مؤكدًا أنه من واجب الأجهزة الأمنية تأمين الجبهة الداخلية.وتابع، أن واجب القوات المسلحة حماية المؤسسات ومقاومة الإرهاب والتجسس والجرائم الإلكترونية، مؤكدًا أن الانتصار في معركة الأمن هو الانتصار الحقيقي.وأشار حفتر إلى إن الجيش لن يسمح لقوى الإرهاب بالنيل من أمن الشعب الليبي،مؤكدا على ملاحقة الجماعات الإرهابية في كل مكان حتى القضاء عليها.
ويرى مراقبون أن الإنجازات السياسية والعسكرية التى حققها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر و نجاحه في دحر الإرهاب، والتصدي لقيام ولاية لتنظيم داعش الإرهابي على أرض بلاده، كذلك تعاونه البناء والمثمر مع محيطه الإقليمي والعربي، والعمل على الملفات الخطيرة مثل الهجرة غير الشرعية، والوقوف دون مزيد من الانقسام الداخلي في الساحة الليبية،جعلت منه طرفا رئيسيا ومؤثرا فى المعادلة الليبية،وهو ما دفع إلى تعالى الأصوات الليبية والدولية الى ضرورة اشراكه في التسوية السياسية في ليبيا.
يشار إلى أن الجيش الليبي تمكن من تحقيق إنتصارات متتالية مكنته من السيطرة على عدة مناطق بعد دحر التنظيمات الإرهابية،وبحسب خارطة نشرها موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي،الجمعة 25 أغسطس 2017،أكدت أن الجيش الليبي بات يسيطر على 80% من البلاد،وهو ما دعمه المشير خليفة حفتر،الجمعة 13 أكتوبر 2017،بعد اجتماعه بعدد من القادة العسكريين،حيث أكد أن القوات المسلحة الليبي تسيطر الآن سيطرة فعلية على مليون و700 ألف كيلو متر مربع، ولم يتبق إلا مساحة 30 ألف كيلو متر مربع خارج سيطرة الجيش، مشيراً إلى أن المنطقة الممتدة من مدينة زوارة إلى مشارف مدينة الزاوية غرب البلاد تقع تحت سيطرة القوات المسلحة الليبية.
تجدر الاشارة الى أنه في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام 2015، تم التوقيع بين الفرقاء الليبيين على اتفاق سياسي في الصخيرات بالمغرب، وأسفر عن انبعاث مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومجلس الدولة، وتمديد عمل مجلس النواب.ولكن هذا الإتفاق ظل معلقا بسبب عدم مصادقة البرلمان عليه ومطالبته بإدخال تعديلات على مواده وخاصة المادة الثامنة.
وتبدو جولة الحوار اختبارا حقيقيا لمدى نجاح المساعي الدولية والإقليمية المستمرة منذ شهور، بغية إقناع الأطراف الليبية بخارطة الطريق الجديدة.وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أعرب عن أمله في أن تتوصل لجنتا صياغة التعديلات على اتفاق الصخيرات، خلال الأيام القليلة المقبلة، إلى اعتماد آلية شفافة تضمن وجود مجلس رئاسي مصغر يجسد وحدة ليبيا، وحكومة تضع نصب عينيها بكل تجرد معالجة أوضاع الناس المعيشية الصعبة، وتوحيد المؤسسات العامة، وتهيئة البلاد لانتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية حرة ونزيهة خلال عام واحد.