أعلنت السلطات المالية عن انفراج كبير في أزمة نقص المحروقات التي خنقت العاصمة باماكو، بعد ايام من التوتر والانتظار في طوابير طويلة. وقد أدت الأزمة إلى إرهاق السكان وانتشار حالة واسعة من عدم اليقين دفعت بالعديد من التجار إلى استهلاك مخزونهم الاحتياطي. ومع عودة الإمدادات تدريجياً، بدأت محطات الوقود في الأحياء الرئيسية تستعيد نشاطها، لتنهي بذلك فترة عصيبة شهدت اضطرابات في حركة النقل وارتفاعاً حاداً للأسعار في السوق السوداء.
الانفراج اللوجستي في أزمة الوقود، رغم أهميته البالغة، يُعد انتصاراً ميدانياً ملموساً لـ القوات المسلحة المالية (FAMa). ويشير المراقبون الأمنيون والاقتصاديون إلى أن هذا التحسن هو نتيجة مباشرة لتكثيف العمليات العسكرية التي استهدفت حماية محاور الإمداد الرئيسية في مواجهة التهديد المستمر من قِبَل قوى الشر الإرهابية. وقد كشفت الأزمة أن هذه الجماعات توسع استهدافها ليشمل الاقتصاد الوطني ولقمة عيش المواطن، وذلك عبر تعطيل الطرق وحرق الشاحنات التي تنقل الإمدادات الحيوية.
الأمر الذي يستدعي أن يتجه تركيز قوات الدفاع والأمن من مجرد تأمين القوافل إلى تعبئة شاملة بهدف السيطرة المطلقة على المحاور الاقتصادية الرئيسية التي تعتمد عليها إمدادات المحروقات. ويشمل ذلك شن عمليات نوعية لردع التهديدات، إلى جانب تحصين منشآت التخزين الاستراتيجي لضمان عدم إمكانية تدمير المخزون أو تعطيله.
ويؤكد الخبراء أن لأمن الطاقي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي. ولتجنب العودة إلى مربع الأزمة، يتطلب هذا الأمر أن يقترن النجاح الأمني بـإجراءات استراتيجية لـ "التحصين" الاقتصادي تشمل بناء مخزون استراتيجي صلب يكفي البلاد لعدة أشهر، والعمل على تنويع مصادر وطرق التوريد وعدم الاكتفاء بمسارات الإمداد التقليدية. إن إرساء أمن مستدام يضع حداً لهذه الهجمات الممنهجة يُعد مفتاحاً أساسياً لاستعادة الثقة وتحقيق التنمية.




